lundi 24 décembre 2018

محكمة التعقيب : يجوز تغيير شكل التعويض عن الضرر المادّي أمام محكمة الدرجة الثانية. الدوائر المجتمعة عـ13035ـدد مؤرخ في 11 جوان 2015.

خوّل المشرّع للمرأة المطلقة بخصوص التعويض عن الضرر المادّي الاختيار بين التعويض في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة  أو التعويض في شكل جراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ضل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن.

وقد تجد الزوجة نفسها امام خيار صعب عند الحسم في شكل التعويض عن ضررها المادّي وعليها دراسة الأمربرويّة ومعرفة أوجه الاختلاف فيه بدقة كما قد تكتشف أثناء سير القضية أو في الطور الاستئنافي أنها أساءت الاختيار وأنه كان من مصلحتها اختيار شكل دون آخر. وإذا كان تغييير الطلب أثناء نشر القضية ابتدائيّا لا يطرح إشكالا طالما كانت العبرة بالطلبات النهائيّة فإن تغييره أمام محكمة الدرجة الثانية قد يصطدم صعوبات تتعلق بمبادئ إجرائية أساسية.

ويتمثل الإشكال من الناحية الإجرائية في معرفة ما إذا كان يمكن للزوجة التراجع عن اختيار شكل صرف الغرم المادّي وتغييره أمام محكمة الدرجة الثانية دون أن تجابه بعدم جواز تقديم طلبات جديدة  في الطور النهائي وبمبدأ التقاضي على درجتين ؟ هذا ما أجابت عليه الدوائر المجتمعة في قرارها المؤرخ في 11 جوان 2015 عـ13035ـدد.

وقائع القضيّة : تم إيقاع الطلاق بين الطرفين ابتدائيّا بموجب الإنشاء من الزوج وتغريم الأخير بمبلغ 8000 دينارا بعنوان ضرر مادّي..و طعنت الزوجة بالاستئناف في الحكم المذكور طالبة تحويل غرامة الضرر المادّي إلى جراية عمريّة لا تقل عن 300 دينارا تدفع لها مشاهرة وبالحلول من انتهاء عدّتها إلى انتفاء الموجب وقضت محكمة الاستئناف بصفاقس صلب الحكم عـ49116ـدد بتاريخ 26/12/2012 بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وفق نصّه بناء على أنّ تغيير شكل التعويض من رأس مال إلى جراية يعتبر طلبا جديدا عملا بأحكام الفصل 148 من م.م.م.ت.
في القضية عـ54326ـدد بتاريخ 17/02/2014 تمسكت محكمة الاستئناف بصفاقس بموقفها عند النظر في القضية بوصفها محكمة إحالة معتبرة أنه لا يمكن مجاراة محكمة التعقيب فيما ذهبت إليه في قرارها عـ2013/631ـدد بتاريخ 4/7/2013 التي قضت بأنّ المطالبة بتغيير شكل التعويض  من رأس مال إلى جراية لا يعدّ طلبا جديدا على معنى الفصل 148 من م.م.م.ت.
وبناء على الطعن بالتعقيب من طرف الزوجة المستأنفة للمرة الثانية لنفس السبب تعهّدت الدوائر المجتمعة بالمسألة و كان عليها البت في المسألة الخلافية بين محكمة الإحالة ومحكمة التعقيب.

المسألة الخلافيّة : هل أنّ المطالبة بتغيير شكل التعويض عن الضرر المادّي يعدّ طلبا جديدا لا يجوز تقديمه أمام محكمة الدرجة الثانية على معنى الفصلين 147 و 148 من م.م.م.ت أم أنه مجرّد تغيير لشكل صرف الطلب لا غير المتمثل في التعويض عن الضرر المادّي؟

الفصل 31 من م.أ.ش : 

 يحكم بالطلاق
بتراضي الزوجين
بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر
بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به
ويقضى لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادّي والمعنوي الناجم عن الطلاق في الحالتين المبينتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه. وبالنسبة للمرأة يعوض لها عن الضرر المادّي بجراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ضل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن. وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا وانخفاضا بحسب ما يطرأ من متغيرات. وتستمر إلى أن يتوفى المفارقة أو يتغير وضعها الاجتماعي بزواج جديد أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية. وهذه الجراية تصبح دينا على التركة في حالة وفاة المفارق وتصفى عندئذ بالتراضي مع الورثة أو على طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنها في ذلك التاريخ، كل ذلك ما لم تخير التعويض لها عن الضرر المادّي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة.

الفصل 147 من م.م.م.ت :

 الدّعوى التي حكم فيها ابتدائيّا لا يمكن الزيادة فيها ولا تغييرها لدى الاستئناف ولو رضي الخصم بذلك إلا إذا كانت الزيادة المطلوبة تتعلق بأداء أجر أو فوائض أو كراء أو بقايا ونحوها من الملحقات المتعلقة بالدعوى الأصليّة والتي استحقت بعد صدور الحكم أو بغرم ضرر تفاقم أمره بعد صدور الحكم أو بطلب الضمانات المستوجبة بعد الحكم

الفصل 148 من م.م.م.ت :

 يمكن تغيير السبب المبني عليه المطلب إذا كان موضوع الطلب الأصلي باقيا على حاله بدون تغيير وكان السبب الجديد غير قائم على وقائع جديدة لم يقع طرحها لدى محكمة الدرجة الأولى، كذلك يمكن الاحتجاج بوسائل جديدة لدى الاستئناف.

اعتبرت الدوائر المجتمعة في هذا القرار أنّ تغيير الطلب أمام محكمة الدرجة الثانية لا يعدّ من قبيل الطلب الجديد طالما يتعلّق الأمر بنفس المؤسسة وهي التعويض عن غرم الضرر المادّي بصرف النظر عن شكل صرف الغرم المذكور  وعليه فإنّ تغيير شكل صرف التعويض أمام محكمة الدرجة الثانية لا يتخالف مع أحكام الفصلين 147 و148 م.م.م.ت طالما كان الأمر" لا يتعلق بمؤسستين مختلفتين" أو بطلبات جديدة أو سبب قانوني جديد.مرأ

قرار تعقيبي مدني عـ13033 مؤرخ في 11 جوان 2015

..........
المحكمة
حيث أنّ الإشكال القانوني تمثل في إمكانية أن تحوّر الزوجة طلبها في التعويض عن الضرر المادّي بسبب الطلاق من راسمال إلى جراية عمريّة في الطور الثاني.
وحيث أنّ الطاعنة كانت طلبت بالطور الابتدائي التعويض لها عن الضرر المادّي للطلاق بغرامة تصرف لها في شكل رأسمال وقضي لها ابتدائيّا إلا أنها بالطور الاستئنافي حوّرت طلبها من راسمال إلى جراية عمريّة وعارضتها في ذلك محكمة الاستئناف على اساس أنّ الطلب جديد ويخالف الفصل 147 من م.م.م.ت والتي أصرّت على موقفها رغم نقض قرارها تعقيبيّا وأضحى الإشكال القانوني مضروفا أمام هذه الدائرة في معرفة إن كان تغيير شكل الغرم من رأسمال إلى جراية بالطور الاستئنافي يعدّ طلبا جديدا يخالف الفصل 147 من م م م ت.
وحيث يعدّ جديدا الطلب الذي لم يعرض على محكمة الدرجة الأولى ويثار لأوّل مرّة أمام محكمة الدرجة الثانية وه ما لا يجيزه الفصل 148 من م.م.م.ت أمّا أن يحافظ الطاعن على نفس الطلب المتمثل في التعويض عمّا لحقه من ضرر مادّي والذي سبق عرضه أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يطلب من محكمة الطعن سوى تغيير شكل صرف الغرم من رأس مال إلى جراية فإنّ ذلك لا يعدّ طلبا جديدا وإنما هو اختيار في طريقة صرفه لا تخالف الفصلين 147 و148 من م.م.م.ت فالطاعنة عندما عرضت أمام محكمة الاستئناف تغيير صيغة التعويض عن الضرر المحكوم به منذ الطور الأول لا تعتبر قدّمت طلبا جديدا ولا يندرج طلبها فيما هو محجّر بالفصل 147 م.م.م.ت لأنها حافظت على نفس التعويض وهو الضرر المادّي عن الطلاق وتبعا لذلك فلا مجال للحديث مثلما انتهت إليه محكمة الاستئناف عن مؤسستين مختلفتين فالعنصر الوحيد الثابت وهو الجامع في الطلبات هو التعويض عن الضرر المادّي أما المتغير فهو صرف التعويض فقط وعليه لا  وجود لطلبات جديدة طالما أنها لا تزيد أو تختلف عن الطلب الأصلي أو أنها تستند إلى سبب قانوني غير السبب الذي يفي عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى
.... وحيث يكون الحكم المطعون فيه تبعا لكل ما تقدّم قد خرق القانون لما اعتبر طلب التعويض في شكل جراية من قبيل الطلبات الجديدة بما يتجه معه نقضه وإرجاع القضيّة إلى المحكمة التي أصدرته لإعادة النظر فيه بهيئة أخرى
ولهذه الأسباب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض القرار المطعون فيه وإحالة القضيّة على محكمة الاستئناف بصفاقس للنظر فيه مجدّدا بهيئة أخرى وإعفاء الطاعنة من الخطيّة وإرجاع معلومها المؤمن إليها 
وصدر هذا القرار بحجرة الشورى بتاريخ 11 جوان 2015 برئاسة السيد خالد العيّاري الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب