mercredi 2 janvier 2019

هل يمكن أن يتجاوز عقد العمل محدّد المدّة أربع سنوات دون أن يتحوّل إلى عقد غير محدّد المدّة؟ الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب:5216 بتاريخ 26 جانفي 2006 و 3736 بتاريخ 30 نوفمبر 2006 و8558 بتاريخ 9 مارس2006.

هل يمكن للعامل،في صورة استرسال العلاقة الشغلية لمدّة تفوق الأربع سنوات بموجب عقد محدّد المدّة، الدفع بأنّ عقد الشغل أضحى غير محدّد المدّة لتجاوز فترة الأربع سنوات ودخوله بذلك في نظام الاستخدام القار؟

 للجواب عن ذلك ذهبت الدوائر المجتمعة في قرارات ثلاثة صادرة سنة 2006 برئاسة القاضي مبروك بن موسى إلى  اعتماد التمييز بين نوعين من العقود محدّدة المدّة الوارد بالفصل 6 رابعا من مجلة الشغل وهي من جهة العقود محدّدة المدّة بطبيعتها و ومن جهة أخرى العقود محدّدة المدّة بإرادة الطرفين.
واختلف جواب محكمة التعقيب حول مدى تغيّر التكييف القانوني لعقد الشغل وتحوّل العلاقة الشغلية إلى علاقة غير محّددة المدّة بحسب ما إذا كانت العقود من الصنف الأوّل أو الثاني.

الفصل 6-4 من مجلة الشغل (كما وقع تنقيحه بالقانون عـ62ـدد لسنة 1996 المؤرخ في 15 جويلية 1996:)
1.   يمكن إبرام عقد الشغل لمدّة معينة في الحالات التالية :
القيام بالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة أو بأشغال جديدة.
القيام بالأعمال التي تستوجبها زيادة غير عاديّة في حجم العمل
التعويض الوقتي لعامل قار متغيّب أو توقّف تنفيذ عقد شغله
القيام بأشغال متأكّدة لتفادي حوادث محقّقة أو لتنظيم عمليّات إنقاذ أو لتصليح خلل بمعدّات أو تجهيزات أو بناءات مؤسسة
القيام بأعمال موسميّة أو بأنشطة أخرى لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيعتها اللجوء فيها إلى عقود لمدّة غير معيّنة.
2.   كما يمكن إبرام عقد الشغل لمدّة معينة في غير الحالات المذكورة في الفقرة السابقة بالاتفاق بن المؤجر والعامل على أن لا تتجاوز مدّة هذا العقد أربع سنوات بما في ذلك تجديداته.
وكل انتداب للعامل المعني بعد انقضاء هذه المدّة يقع على أساس الاستخدام القار ودون الخضوع لفترة تجربة. وفي هذه الحالة يبرم العقد كتابيّا في نظيرين يحتفظ المؤجّر بأحدهما ويسلّم الآخر إلى العامل.


أوّلا بالنسبة للعقود محدّدة المدّة بطبيعتها :


يمكن إبرام هذا الصنف من عقود الشغل محدّدة المدّة في حالات معينة وردت بالفقرة الأولة من الفصل 6 رابعا من مجلة لشغل وهي :
·       القيام بالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة أو اشغال جديدة
·       القيام بالأعمال التي تستوجبها زيادة غير عاديّة في حجم العمل
·       التعويض الوقتي لعامل قار متغيّب أو توقف تنفيذ عقد شغله القيام بأشغال متأكدة لتفادي حوادث محققة أو لتنظيم عمليات إنقاذ أو لتصليح خلل بمعدّات أو تجهيزات أو بناءات المؤسسة
·       القيام بأعمال موسمية أو بأنشطة أخرى لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيهتها اللجوء فيها إلى عقود لمدّة معينة
واعتبرت الدوائر المجتمعة في القرار عـ8858ـدد المؤرخ في 9 مارس 2006 أن هذه النوعية من العقود محدّدة المدّة لا يمكن أن تتحول إلى عقود غير محدّدة المدّة ولو تجاوزت فترة الاستخدام الأربع سنوات.

تمثلت الوقائع في انتداب عامل منذ سنة 1994 إلى تاريخ طرده في أفريل 2007 واعتبرت محكمة الموضوع ومحكمة الإحالة أن الطرد يكتسي صبغة تعسفية وقضت بإسناد العامل جملة من الغرامات على ذلك الأساس واقتضت الإجراءات الطعن بالتعقيب للمرة الثانية لنفس السبب وتعهدت الدوائر المجتمعة بالموضوع واعتبر المؤجّر الطاعن أن الفصل 6 رابعا يميز بين نوعين من العقود محدّدة المدّة الأول نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل المذكور وهذه العقود لا يكتسب بموجبها العامل صفة العامل القار مهما طالت مدّته أمّا النوع الثاني فيتعلّق بالعقود محدّدة المدّة باتفاق الطرفين وهذه يمكن أن تكسب العامل صفة العامل القار في صورة تجدّدها لأكثر من أربع سنوات وطالما كان من الثابت في الوقائع أنّ العامل انتدب في إطار الصنف الأول من العقود فلا مجال لاعتباره عاملا قارا.

بعد التثبت من العقود الرابطة بين العامل والمؤجر انتهت الدوائر المجتمعة إلى قبول هذا المطعن على اعتبار أن العامل انتدب بمقتضى عقود تتعلق بحضائر بناء محدّدة ضل العامل ينتقل بينها من حضيرة إلى أخرى بموجب عقد جديد في كل مرّة وتتضمن العقود صراحة التنصيص على أنه عامل عرضي وقضت بقبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض الحكم في خصوص منحة الإعلام بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة الطرد التعسفي والقضاء مجدّدا بعدم سماع الدعوى.

عـ8858ـدد المؤرخ في 9 مارس 2006 
الحمد لله وحده
أصدرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة القرار الآتي
بعد الإطلاع على مطلب التعقيب المضمن تحت عـ8858ـدد المقدّم بتاريخ 7 ديسمبر 2004 من طرف الأستاذ توفيق شبشوب المحامي لدى التعقيب في حق شركة شعبان وشركاؤه في ش م ق.
ضد عمارة***محاميه الأستاذ الهادي بن عبد القادر
طعنا في الحكم النهائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل التابعة لها تحت عـ51235ـدد بتاريخ 11 أكتوبر 2004 والقاضي بقبول الاستئنافين الأصلي والعرضي شكلا وفي الأصل بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وتغريم المستأنفة لفائدة المستأنف ضدّه بمائتي دينارا لقاء أتعاب التقاضي وأجرة المحاماة وحمل المصاريف القانونية عليها.
وبعد الاطلاع على مستندات التعقيب المبلغ نظير منها للمعقب ضدّه في 17 ديسمبر 2004 من طرف عدل التنفيذ الأستاذ نبيل العباسي حسب رقيمه عـ9518ـدد.
وبعد الاطلاع على الحكم المنتقد وعلى كافة أوراق الملف وعلى الوثائق التي يوجب الفصل 185 من م.م.م.ت تقديمها.
وبعد الإطلاع على قرار السيد الرئيس الأوّل المؤرخ في 1 مارس2005 والقاضي بإحالة القضية على الدوائر المجتمعة.
وبعد الإطلاع على تقرير الردّ على مستندات التعقيب المحرّر من قبل الأستاذ الهادي بن عبد القادر.
وبعد الإطلاع على ملحوظات النيابة العمومية الرامية إلى طلب قبول مطلب التعقيب شكلا ونقض الحكم المطعون فيه في خصوص غرامات الطرد بدون إحالة والاستماع إلى شرح ممثلها بالجلسة.
وبعد المفاوضة طبق القانون:
من حيث الشكل :
حيث استوفى مطلب التعقيب جميع أوضاعه وصيغه القانونية وتعين قبوله شكلا.
من حيث الأصل :
حيث تفيد وقائع القضيّة الثابتة بالقرار المطعون فيه أنّ المعقّب ضده حاليّا المدّعي في الأصل كان أقام دعواه ضدّ المدّعى عليها أمام محكمة الدرجة الأولى عارضا أنه انتدب للعمل لدى المعقبة ضدّها منذ شهر نوفمبر 1994 بوصفه حدّادا وبأجرة شهريّة قدرها مائتان وثلاثة وستون دينارا ومليـ744يـــمات 263د744 إلى أن تم طرده بدون موجب شرعي في 7 أفريل 2001 وطلب الحكم له بمستحقاته المفصّلة بعريضة الدعوى
وبعد استيفاء الإجراءات تمت الاستجابة للطلبات وقضت دائرة الشغل بحكمها عـ7927ـدد بتاريخ  فيفري2002 بإلزام المطلوبة بأن تؤدّي للمدّعي المبالغ الماليّة التالية :
57د060 أجرة غير خالصة
32د679 منحة إنتاج عن سنتي 2000 و2001
263د744 عن منحة الإعلام بالطرد.
824د973 عن منحة مكافأة نهاية الخدمة
714د3384 لقاء غرامة الطرد التعسفي ورفض الدعوى فيما زاد على ذلك
وحيث تم استئناف الحكم المذكور أمام المحكمة الابتدائية بتونس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل التابعة لها فقضت بحكمها عـ48944ـدد بتاريخ 16 جانفي 2003 بقبول الاستئنافين الأصلي والعرضي شكلا وفي الأصل بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وتغريم المستأنفة لفائدة المستأنف ضدّه بمائتي دينارا لقاء أتعاب التقاضي وأجرة المحاماة وحمل المصاريف القانونية عليها
وحيث طعن في الحكم المذكور بالتعقيب وقضت المحكمة بقرارها عـ25234ـدد الصادر بتاريخ 7 ماي 2003 بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لغرامات الطرد.
وحيث أعيد نشر القضية أمام محكمة الإحالة التي أصدرت حكمها المضمن نصّه بالطالع.
وحيث أعيد الطعن بالتعقيب في الحكم المذكور للمرّة الثانية من قبل المحكوم عليها التي نعت عليه :
المطعن الأوّل : خرق أحكا الفصل 6-4 من مجلة الشغل
قولا أن الفصل 6-4 يفرق بين نوعين من العقود المحدّدة المدّة بطبيعتها فالأول نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل المذكور وهذه العقود لا يكتسب بموجبها العامل صفة العامل القار مهما طالت مدّتها أمّا النوع الثاني فيتعلّق بالعقود محدّدة المدّة باتفاق الطرفين وهذه يمكن أن تكسب العامل صفة العامل القار في صورة تجدّدها لأكثر من أربع سنوات وبما أن وسائل الإثبات المقدمة للمحكمة وطبيعة العمل الذي انتدب المعقب ضده للقيام به ( عامل بحضيرة بناء) تؤكّد أنّ العقد الرابط بينه وبين المعقّبة هو من الصنف الأوّل وأنّ انتدابه قد تم في إطار ما تخوله أحكام الفصل 55 من الاتفاقية المشتركة للأشغال العامة والبناء فإنه لا يمكن اعتباره عاملا قارّا
المطعن الثاني : ضعف التعليل
قولا أ،ّ محكمة الحكم المطعون فيه اعتبرت العلاقة الشغليّة مسترسلة لأكثر من أربع سنوات في حين أنّ الملف خلو مما يفيد ذلك وأنّ تحميل المعقبة عبء إثبات عدم استرسال العلاقة أي إثبات أمر سلبي هو تعجيز لها ويخالف ما استقر عليه فقه القضاء.
المحكمـــــــــــــــــــــــة
عن المطعن الأوّل المتعلق بخرق الفصل 6-4 من مجلة الشغل :
حيث حدّدت أحكام الفصل 6-4 من مجلة الشغل الحالات التي يكون فيها عقد الشغل محدّد المدّة وصنّفتها إلى نوعين : الأول يشمل العقود التي يكون موضوعها بطبيعته محدود المدّة كالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة والأنشطة التي لا يمكن حسب العرف أو بحكم طبيعتها اللجوء فيها إلى عقود لمدّة غير معينة مثل أعمال البناء والأشغال العامّة ويمكن أن يبقى هذا النوع من العقود محدّد المدّة طالما بقي موضوعها واحدا من تلك الأنشطة.
وأمّا النوع الثاني فيشمل العقود التي تلتقي إرادة الطرفين على تحديد مدّتها ويكون موضوعها عملا أو نشاطا لا يندرج ضمن النوع الأول وقد حدّد المشرّع سقفا زمنيّا لهذا النوع من العقود قدره أربع سنوات إذا تجاوزته تحوّلت إلى عقود غير محدّدة المدّة.
 وحيث تبين من أوراق القضيّة وخاصة عقود الشغل وبطاقات الخالص أنّ المعقّب ضدّه قد انتدب من قبل المعقّبة للعمل بحضائر بناء مختلفة وبموجب عقود شغل محدّدة ممضاة من قبله ومتضمنة التنصيص صراحة على أنه عامل عرضي.
وحيث أنّ اعتبار المعقب ضده عاملا قارا رغم الصبغة الوقتية والمدّة المحدّدة لعلاقة الشغل التي تربطه بالمعقبة والثابتة بعقود الشغل وبطاقات الخلاص والمستخلصة من طبيعة النشاط موضوع عقد الشغل ينطوي على خرق لأحكام الفصل السادس رابعا من مجلة الشغل ويقتضي نقض الحكم المعقب.
عن المطعن الثاني المتعلّق  ضعف التعليل :
حيث أنّه ولئن كان تقدير الأدلّة وتحقيق الوقائع واستخلاص النتائج القانونية منها من اختصاص قضاء الموضوع فإنّ ذلك مشروط بوجود أصل ثابت لتلك الوقائع والأدلّة بملف القضيّة وبعدم تحريفها.
وحيث لا يوجد بالملف ما يثبت استرسال العلاقة الشغليّة طيلة المدّة المعتمدة من قبل محكمة الحكم المعقّب وتعين لذلك نقضه من هذه الناحية أيضا.
وحيث أنّ الطعن مسلّط على غرامات الطرد التعسفي وبطبيعة الحال إن النقض لا يطال إلا هذا الفرع من الدعوى.
وحيث أنّه تبعا لما تقدّم وطالما أنّ موضوع القضيّة مهيأ للفصل فإنّ لمحكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة البت فيه حسبما يخولها ذلك الفصل 191 من م.م.م.ت وعليه فالمتجه نقض الحكم المطعون فيه جزئيّا والقضاء بقبول الاستئناف شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي في فرعه المتعلق بغرامات الطرد التعسفي من منحة الإعلام بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة الطرد التعسفي والقضاء من جديد في شأنها بعدم سماع الدعوى ورفضه أصلا فيما زاد على ذلك
ولهذه الأسباب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا وفي الأصل بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص منحة الإعلام بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة الطرد التعسفي والقضاء من جديد بعدم سماع الدعوى بشأنها ورفضه أصلا فيما زاد على ذلك
وصدر هذا القرار بحجرة الشورى بجلسة يوم الخميس 9 مارس 2006 برئاسة السيد مبروك بن موسى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب
وعضوية رؤساء الدوائر السادة : مصطفى خنشل، نجاة بوليلة، حنيفة معزون، محمد رؤوف المراكشي، ناجية بن الحاج علي، نور الدين بن عيّاد، حسن بن فلاح، صالح السرسي، الطاهر بوغارقة، فتحي بن يوسف، معاوية عزيز، المنصف الزعيبي، خمدة الشواشي، بلقاسم كريد، مصطفى بن جعفر، عامر بورورو، نجاح مهذب
والمستشارون السادة : محمد الهادي بن خذر، جودة بوسنينية، منجية الجبالي، رشيد الجربي، رابح سيبوب، محمد النفيسي، ليلى بربيرو، عبد القادر المستيري، عبد القادر غربال، رشيدة الزغلامي، حسين بن سليمة، النوري القطيطي، زهرة بن عون، نور الدين الخليفي، محمد نجيب هنان، محمد الفخفاخ، المنصف المبزع، محمود بن جماعة.
وبحضور السيد محمد الفطناسي وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب وبمساعدة كاتب الجلسة السيد جلّول العرفاوي
وحرر في تاريخهتعاب التقاضي وأجرة المحاماة وحمل المصاريف القانونية عليها


ثانيا :  بالنسبة للعقود محدّدة المدة باتفاق الطرفين :


 قد يكون العقد محدّد المدّة بموجب اتفاق من الطرفين وهو صنف أشار له الفصل 6 رابعا من مجلة الشغل في فقرته الثانية  " كما يمكن إبرام عقد الشغل لمدّة معينة في غير الحالات المذكورة في الفقرة السابقة بالاتفاق بن المؤجر والعامل على أن لا تتجاوز مدّة هذا العقد أربع سنوات بما في ذلك تجديداته.
وكل انتداب للعامل المعني بعد انقضاء هذه المدّة يقع على أساس الاستخدام القار ودون الخضوع لفترة تجربة. وفي هذه الحالة يبرم العقد كتابيّا في نظيرين يحتفظ المؤجّر بأحدهما ويسلّم الآخر إلى العامل."

وفي عديد الحالات يتم بإبرام عقد عمل لمدّة تفوق الأربع سنوات مع التنصيص في نفس الوقت على أنه عقد عمل محدّد المدّة.

هل يكون في هذه الحالة العقد محدّد المدّة كما اتجهت إرادة الطرفين إلى بيانه بوضوح في العقد أم أنه يجب اعتباره رغم ذلك غير محدّد المدّة لتجاوزه فترة الانتداب التعاقدي القصوى؟

ذهبت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة في القرارين عـ5216ـدد بتاريخ 26 جانفي 2006 وعـ3736ـدد بتاريخ 30 نوفمبر 2006 إلى أنّ التكييف القانوني السليم لمثل هذه العقود هو أنها عقود غير محدّدة المدّة وأن العامل في مثل هذه الحالة يستحق التعويض عن الطرد التعسفي وفقا لأحكام الفصول 22 و23 و23 مكرر من مجلة الشغل لا وفقا للفصل 24 من نفس المجلة.

كانت وقائع القضيتين متشابهة إذ تعلق الأمر بعقدين تم التنصيص فيهما على أنهما محدّدي المدّة وتجاوزت مدتهما الأربع سنوات ورغم أن العامل في القرار عـ3736ـدد لم يقضي فترة تتجاوز الأربع سنوات في العمل بخلاف مثلما هو الشأن في القرار عـ5216ـدد فقد خلصت الدوائر المجتمعة إلى نفس المبدأ في القضيتين معتبرة أنّ العقد الوحيد إذا تجاوزت مدته الأربع سنوات لا يكون إلا غير محدّد المدّة ولو تم التنصيص صلبه على خلاف ذلك.

الدوائر المجتمعة عـ5216ـدد بتاريخ 26 جانفي 2006 :

 تعلق الأمر بعقد عمل تم التنصيص فيه على أنه محّدد المدّة يبدأ في غرّة مارس 1997 وينتهي في 30 سبتمبر 2001 واثر طرد العاملة في 6 سبتمبر2001 تولت الأخيرة القيام ضد المؤجر طالبة اعتبار الطرد تعسفيّا وتمكينها من غرامات الطرد ومستحقاتها.

بينما اعتبرت المحكمة الابتدائية بسوسة عـ35364ـدد بتاريخ 03 أفريل 20022 أنّ العقد محدّد المدّة حسب الوثيقة الرابطة بين الطرفين قضت محكمة الابتدائية بسوسة بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل الراجعة لها بالنظر أن العلاقة الشغلية موضوع عقد غير محدّد المدّة وهو الموقف ذاته الذي تبنته محكمة الإحالة في 17 أفريل 2004  اثر صدور القرار التعقيبي عـ26640ـدد بتاريخ 11 أوت 2003.

 اعتبرت الدوائر المجتمعة اثر تعقيب المؤجر للمرة الثانية لنفس السبب أنّ التكييف القانوني السليم للعقد هو أنه غير محّدد المدّة.

وكان المعقب قد تمسّك أمام الدوائر المجتمعة بأنّ الفصل 14 من مجلة الشغل جاءت عباراته مطلقة ولم يشترط أية مدّة قصوى في إبرام عقود الشغل ولا يمكن تقييد عباراته وأن ذلك لا يتناقض مع أحكام الفصل 6 رابعا من نفس المجلة التي تتعلق بالعامل المرتبط بعقد شغل تم تجديده مرات متتالية دون أن تتجاوز مدة التجديدات أربع سنوات...

عـ5216ـدد بتاريخ 26 جانفي 2006
........
........
.........
حيث أنّ المسألة القانونية المطروحة في قضية الحال تتمثل في معرفة إن كان عقد الشغل المبرم ضمن كتب وحيد لمدّة تفوق أربع أربع سنوات يعدّ عقدا محدّد المدّة ينتهي بانتهاء مدّته وفق أحكام الفصل 14 من مجلة الشغل أم أنّه عقد غير محدّد المدّة وفقا لأحكام الفصل 6رابعا فقرة 2 من نفس المجلة؟
وحيث وبالرجوع إلى أحكام 6 رابعا من مجلة الشغل يتبين أنّ المشرّع فرق بين صنفين من عقود الشغل المحدّدة المدّة فالعقود المتعلقة بإنجاز أعمال تكتسي بطبيعتها صبغة ضرفيّة يمكن إبرام عقود عقود محدّدة المدّة بشأن إنجازها دون تحديد سقف زمني لمدّتها وقد تولت الفقرة الأولى من الفصل 6 رابعا بيانها وعددتها على وجه الحصر.
أمّا غيرها من الأعمال التي لا تتسم بطبيعتها بالصبغة الضرفية فإنّ للعقود المحدّدة المدّة المتعلقة بها سقفا زمنيّا لا ينبغي تجاوزه وقد حدّدت الفقرة الثانية من الفصل المذكور هذا السقف الزمني بأربع سنوات ولا فرق بين أن يبلغ الاتفاق هذا السقف عن طريق تضمينه بكتب وحيد أو عن طريق التجديد المتوالي فغاية المشرّع أن لا يبقى الأجير في هذه الصورة عاملا غير قار أكثر من أربع سنوات وأن يصبح عاملا قارا بمجرّد تجاوز هذه المدّة لدى نفس المؤجّر
وحيث لا نزاع في كون موضوع عقد الشغل الرابط بين الطرفين ليس واحدا من الأنشطة التي عدّدتها الفقرة الأولى من الفصل 6 رابعا من مجلة الشغل ولا في أنه قد أبرم في نطاق أحكام الفقرة القانية من الفصل المذكور.
وحيث أن تحديد المشرّع لأصناف عقود الشغل وبيان ضوابطها ونطاقها يندرج ضمن القواعد التنظيميّة لعقد الشغل وهذا النوع من القواعد يتعلّق بالنظام العام وبالتالي لا يجوز للأطراف الاتفاق على مناهضتها
وحيث لم يرتب المشرّع على تجاوز العقد المحدّد المدّة السقف الزمني المسموح به قانونا البطلان وإنّما وضع له جزاءا آخر لغاية اجتماعية واضحة هي صيرورة الأجير عاملا قارّا ومنتدبا لمدّة غير محدّدة بمجرّد تجاوزه تلك المدّة ( تجاوز الأربع سنوات) وبقائه مستخدما أو إعادة انتدابه لدى نفس المؤجّر.
وحيث تكون محكمة الحكم المطعون فيه بقضائها على النحو السالف تضمينه قد طبقت القانون تطبيقا سليما وجاء حكمها معللا تعليلا مستساغا دون خرق أو تحريف للواقع أو القانون
ولهذه الأسباب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا ورفضه أصلا
وصدر بتاريخ 26/1/2006 برئاسة السيد مبروك بن موسى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب
 وعضوية رؤساء الدوائر السادة : مصطفى خنشل، نجاة بوليلة، حنيفة معزون، محمد رؤوف المراكشي، ناجية بن الحاج علي، نور الدين بن عيّاد، حسن بن فلاح، صالح السرسي، الطاهر بوغارقة، فتحي بن يوسف، معاوية عزيز، المنصف الزعيبي، خمدة الشواشي، بلقاسم كريد، مصطفى بن جعفر، عامر بورورو، نجاح مهذب.
والمستشارين السادة : محمد الهادي بن خذر، رشيد الجربي، خالد العياري، زهرة بن عون، رابح شيبوب، محمد النفيسي، عبد القادر المستيري، ليلى بربيرو، سهام السويسي، النوري القطيطي، عبد القادر غربال، رشيدة الزغلامي، محمد الفخفاخ، حسين بن سليمة، نجيب هنان، محمود بن جماعة،شادية بلحاج إبراهيم.
بمحضر السيد محمد الفطناسي وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب وبمساعدة كاتب الجلسة السيد جلول العرفاوي.


 الدوائر المجتمعة عـ3736ـدد مؤرخ في 30 نوفمبر 2006.

تمثلت وقائع القضية في انتداب عامل بصفة مهندس فلاحي بموجب عقد محدّد المدّة يبتدأ من 2 ماي 1998 وينتهي في 10 ماي 2003 بأجرة شهريّة قدرها ألف دينارا وقد فوجئ العامل في 17 نوفمبر 1999 بإيقافه عن العمل مدة شهر ولمّا أراد الرجوع للعمل تم إعلامه بإيقافه عن العمل لشهر آخر مما دفعه للقيام ضد المؤجر من أجل القطع التعسفي لعقد العمل.

ذهبت محاكم الموضوع إلى اعتبار العقد محّدد المدّة ومكنت العامل من غرامات على ذلك الأساس وتبنت محكمة الإحالة المحكمة الابتدائية بتونس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دائرة الشغل  التابعة لها بالنظر نفس الموقف اثر صدور القرار التعقيبي عـ15743ـدد بتاريخ29 أفريل 2002 إلا أن محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة وعند عرض القضية عليها بموجب التعقيب للمرة الثانية لنفس السبب من طرف العامل المعقّب اعتبرت أن التكييف القانوني السليم للعقد المبرم لمدّة تفوق الأربع سنوات هو  أنّه عقد غير محدّد المدّة وتحتسب فيه الغرامات على أساس الفصول 22 و23 و23 مكرّر من مجلة الشغل.

تمسك المعقّب أمام الدوائر المجتمعة بأنّ العقد تعلق منذ البداية بمدّة تتجاوز الحدّ القانوني الأقصى للانتداب الوقتي وبالتالي فهو غير محدد المدّة وأنّ الشرط المتضمن أنه غير محدّد المدّة يعدّ شرطا باطلا على معنى الفصل 328 من م.ا.ع وأن التعويض المستحق يكون على معنى الفصول 22 و23 و23 مكرّر من مجلة الشغل وليس طبق الفصل 24 من نفس المجلّة المتعلق بالتعويض في العقود محدّدة المدّة.

وتمسك المؤجر في رده عن مستندات التعقيب بأنّ العقد واضح وصريح في إنشاء علاقة عمل محدّدة المدّة وأنّ إعمال أحكام الفصل 6 رابعا من مجلة الشغل لا يجوز إلا بعد انقضاء أربع سنوات من الاستخدام القار وهو ما لم يتوفر في قضية الخال طالما أن العامل لم يقضي إلا عامين ونصف عمل لا غير وانتهى إلى طلب رفض مطلب التعقيب أصلا.

القرار عـ3736ـدد مؤرخ في 30 نوفمبر 2006
......
.......
......
.......
"حيث أن الإشكال القانوني المطروح يتمحور أساسا في تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم لمدّة تفوق الأربع سنوات فهل يعتبر عقدا محدّد المدّة وينتهي بانتهاء مدّته عملا بأحكام الفصل 14 من مجلة الشغل أم أنه عقد غير محدّد المدّة على أساس الفصل 6-4 فقرة 2 من نفس المجلة؟
وحيث أن القواعد التنظيمية لعقد الشغل وبيان ضوابطه ونظامه تتعلّق بالنظام العام وبالتالي لا يجوز الاتفاق على خلافها إلا أن المشرّع لم يرتّب على تجاوز العقد المحدّد المدّة السقف الزمني المسموح به البطلان وإنّما جعله ينقلب إلى عقد غير محدّد المدّة وهو ما خالفته محكمة الحكم المطعون فيه وتعيّن نقض الحكم الصادر عنها في هذا الخصوص دون بقيّة فروع الدّعوى التي اتصل بها القضاء وليست محلّ طعن"
وحيث طالما تم الانتهاء إلى أنّ العقد غير محدّد المدّة فإنّ غرامات الطرد تحسب على أساس الفصول 22 و 23 و23 مكرّر من مجلّة الشغل وتعيّن تبعا لذلك نقض الحكم المطعون فيه جزئيّا في خصوص منحة الإعلام بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة الطرد والقضاء من جديد باستحقاق المعقب ضدّه لألف دينارا لقاء منحة الإعلام بالطرد عملا بأحكام الفصل 14 مكرّر من مجلة الشغل و 616د666 مقابل مكافأة نهاية الخدمة على أساس الفصل 22 من مجلة الشغل الذي يمنح العامل أجر يوم عن كل  شهر عمل فعلاي وثلاثة آلاف دينارا لقاء غرامة الطرد التعسفي على أساس الفصل 23 مكرّر من نفس المجلّة الذي يمنح العامل غرامة يتراوح مقدارها بين أجر شهر واحد وأجر شهرين عن كل سنة أقدميّة بالمؤسسة على أن لا تتجاوز هذه الغرامة في كل جميع الحالات أجر ثلاث سنوات
...
ولهذه الأسباب 
قررت المحكمة قبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض الحكم المطعون فيه في خصوص منحة عدم الإعلام بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة الطرد التعسفي والقضاء من جديد بإلزام المعقبين بأن يؤدّوا للمعقّب ضده ألف دينارا منحة عدم الإعلام بالطرد وستمائة وسنة عشر دينارا وستمائة وستة وستين مليما لقاء مكافأة نهاية الخدمة وثلاثة آلاف دينارا عن غرامة الطرد التعسفي وحمل المصاريف القانونية عليهم
وقد صدر هذا القرار عن الدوائر المجتمعة في 30 نوفمبر 2006 برئاسة السيد المبروك بن موسى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب
وعضوية رؤساء الدوائر السادة : محمد جمال مطيمط، رضا بوبكر، نجاة بوليلة، حنيفة معزون، صالح السرسي، الطاهر بوغارقة، فتحي بن يوسف، معاوية عزيز، المنصف الزعيبي، حمدة الشواشي، بلقاسم كريد، م مصطفى بن جعفر، نور الدين بن عيّاد، محمد العفاس، بوبكر بلقاسم، محمد الطاهر السليطي، حسيبة العربي، فائزة الزرقاطي، حميدة العريف.
والمستشارين السادة : علي العكرمي جاء بالله، حياة بن زيد، محمد علي الشايبي، النوري القطيطي، خالد العياري، ليلى بربيرو، منجية الجبالي، أسماء فرحات، الطاهر زقروبة، محمود بن جماعة، أحمد رزيق، فوزي بن عثمان، محمد نجيب هنان، حسين بن سليمة، محمد الفخفاخ، حسونة الكناني، سهام السويسي، حافظ المهيري، عبد المجيد بوسلامة
وبحضور المدعي العام السيد حسن بن فلاح وبمساعدة كاتب الجلسة السيد جلول العرفاوي


2 commentaires:

Unknown a dit…

موقف محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة في القرار الأوّل قابل للنّقاش من عدّة أوجه وقد شرعت بعض دوائر محكمة التعقيب وبعض محاكم الاصل خاصة محاكم الإستئناف بصفاقس وسوسة في تغيير موقفها واعتبار عامل الحضيرة الذي يشغل موطن عمل قار ومستمر في المؤسسة والذي تجاوزت فترة تشغيله عند نفس المؤجّر ال 4 سنوات عاملا قارّا استنادا إلى احكام الفصل 6-4 (2) من م.ش وإلى احكام الفقرة الخامسة من الفصل 55 من الإتفاقية الالقطاعيّة للبناء والاشغال العامّة. راجع على سبيل المثال : قرار استئنافي شغلي عدد 61199 صادر عن محكمة الإستئناف بصفاقس بتاريخ 11 نوفمبر 2015 منشور بكتاب إشكالات في قانون الشغل الجزء الأوّل، منشورات الأطرش للكتاب المختص، تونس 2018، ص. 548 وما بعد والقرار التعقيبي المدني عدد 44446 صادر بتاريخ 3 نوفمبر 2017 (غير منشور) و عديد القرارات الأخرى تعرّضت لها في دراسة بعنوان: " الوضعيّة القانونيّة لعمّال الحضائر في القطاع الخاص" من إعداد الأستاذ نادر الزّغل، في مؤلّف جماعي: أعمال مهداة إلى الأستاذ الرّاحل العميد المنجي طرشونة، كليّة الحقوق بسوسة، بصدد النّشر.



Anonyme a dit…

I could not resist commenting. Perfectly written! It's very straightforward to find out any topic on web as compared
to books, as I found this paragraph at this web page.

Woah! I'm really loving the template/theme of this blog. It's simple,
yet effective. A lot of times it's challenging to get that "perfect balance" between usability and visual appearance.
I must say you have done a very good job with this.
In addition, the blog loads very fast for me on Opera. Outstanding Blog!
http://foxnews.net