jeudi 30 août 2018

محكمة التعقيب : الفصل 242 من المجلة التجارية، إجراء وجوبي يهم النظام العام

الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد 12599 مؤرخ في 11 جوان 2015 : تطرقت محكمة التعقيب في هذا القرار لمسألة مدى وجوبية احترام الإجراء الوارد بالفصل 242 من المجلة التجارية عند القيام بدعوى فسخ كراء محل يستغل فيه أصل تجاري. وفضلا عن صدوره عن الدوائر المجتمعة يكتسي هذا القرار أهميته من كونه يعتبر بوضوح أنّ تقديم شهادة في التقاييد أو قائمة في التقاييد الموجودة إجراء يهم النظام العام كلما تعلق الأمر بالفسخ وبصرف النظر عن سند القيام بالدعوى.


تمثلت الوقائع بقيام مالك الجدران ضد متسوغ المحل أمام محكمة الناحية المختصة طالبا الحكم بفسخ عقد كراء المحل وإلزام المتسوّغ بالخروج وتسليم المحل شاغرا من كل الشواغل استنادا إلى أحكام الفصول 273 و274 و243 من مجلة الالتزامات والعقود وصدر الحكم الابتدائي عن المحكمة المذكورة قاضيا برفض الدعوى إلا أنّ محكمة الدرجة الثانية قضت بالنقض والقضاء من جديد بفسخ العلاقة الكرائية وإلزام المتسوّغ بتسليم المحل وكان قضاءها  على ذلك النحو مستندا إلى ثبوت مماطلة المدين وخرقه لبنود عقد الكراء بتلدده في دفع معينات الكراء وتطبيقا لأحكام الفسخ الواردة بالمجلة المدنية[1].

عند النظر في القضية في مناسبة أولى قضت محكمة التعقيب صلب القرار عـ81158ـدد بتاريخ 18/01/2013 بالنقض والإحالة بمقولة خرق أحكام قانون الأكرية التجارية لسنة 1977  وخاصة الفصل 23 منه وهي أحكام تهم النظام العام ولم تتعرض محكمة التعقيب إلى الدفع المتعلق بخرق أحكام الفصل 242 من المجلة التجارية مكتفية بالنقض للسبب الأوّل.

وعند نشر القضية أمام محكمة الإحالة المحكمة الابتدائية بقرمبالية بوصفها محكمة استئناف لأحكام محاكم النواحي الراجعة لها بالنظر تمسكت الأخيرة بموقفها السابق وقضت بالنقض وفسخ عقد الكراء معللة أنّ الفصل 23 من قانون الأكرية وإن كان نصا خاصا فهو غير منطبق ضرورة أن قانون الأكرية التجارية لم يتعرض لصورة المماطلة بما يجعل من الوجيه الرجوع إلى القانون العام وتطبيق الفصول 273 و 274 و243 من مجلة الالتزامات والعقود.

وبناء على تعقيب القضية للمرة الثانية استنادا على نفس الطعون وهي مخالفة أحكام الفصل 23 من قانون الأكرية التجارية ومخالفة أحكام الفصل 242 من المجلة التجارية عرض الامر على الدوائر المجتمعة عملا بأحكام الفصل 191 من م م م ت  وقضت محكمة التعقيب بقبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض القرار المطعون فيه مع التصدّي و والقضاء بإقرار الحكم الابتدائي وإعفاء الطاعنة من الخطية وإرجاع معلومها المؤمن إليها.


وحيث لم تجب محاكم الأصل عن هذا الدفع ولم تتعرض إليه أيضا محكمة التعقيب الأولى في ردّها عن المطاعن والحال أنه يتعرض لشرط إجرائي لا بد من توفره في قضية الحال باعتبارها تتعلق بفسخ عقد كراء يستغل فيه أصل تجاري وذلك بقطع النظر عن مدى انطباق مقتضيات الفصل 23 من قانون الأكرية التجارية المؤرخ في 25 ماي 1977 من عدمه على قضية الحال
وحيث أنّ هذا الإجراء الوارد بالفصل 242 من المجلة التجارية هو إجراء يهم النظام العام ولا بدّ من احترامه لما في ذلك من حماية لحقوق الدائنين باعتبار الأصل التجاري هو موضوع ملكية قد تتعلق به حقوق دائنين كالرهن مثلا ولا يمكن النظر في قضية فسخ الكراء إلا بعد تقديم شهادة في عدم التقاييد طبقا لما اقتضاه الفصل المذكور.

اعتبرت الدوائر المجتمعة بهذه العبارات أن الدفع المتعلق بأحكام الفصل 242 من المجلة التجارية يتعلق بشرط إجرائي لا بدّ من توفره طالما كانت الدعوى تتعلق بالفسخ وذلك بقطع النظر عن الدفع الثاني المتعلق بخرق أحكام الفصل 23 من قانون الأكرية التجارية وهي بذلك اقتصرت على النظر في دفع واحد واستغنت عن النظر في الدفع المتعلق بمدى جواز اللجوء إلى الفسخ على معنى أحكام القانون العام 273 و 274 من م ا ع دون الفصل 23 من قانون الأكرية التجارية.

ليس إذن من الضروريّ النظر بالنسبة للدوائر المجتمعة في مسألة إمكانية القيام على معنى أحكام مجلة الالتزامات والعقود دون أحكام الفصل 23 من قانون الأكرية لأنّه طالما كان الأمر في الحالتين يتعلق بفسخ عقد الكراء فإن الإخلال بأحكام الفصل 242 من المجلة التجارية يجعل من الدعوى فاقدة لشرط إجرائي جوهري يهم النظام العام ويجعلها حرية بالرفض.

لا جدال أنّ قضاء الدوائر المجتمعة كان متماشيا مع العبارات الواضحة والصريحة لأحكام الفصل 242 :" إذا قام المالك بدعوى فسخ عقد كراء المحل الذي يستغل فيه اصل تجاري وجب عليه تقديم شهادة في عدم وجود تقاييد أو قائمة في التقاييد الموجودة وفقا للصيغ المقررة بالفصل 216 من هذه المجلةوإذا كان الأصل التجاري مثقلا بقيود مرسمة وجب على مالك المحل إعلام الدائنين المرسمين بمقراتهم المختارة بتقييدهم بواسطة عدل منفذ وإلا كانت الدعوى باطلةولا يجوز أن يصدر الحكم قبل شهر من تاريخ هذا الإعلامولا يصبح الفسخ بالتراضي نهائيّا إلا بعد شهر من تاريخ إعلام الدائنين المرسمين بمقراتهم المختارة ويتم ذلك بواسطة عدل منفذوفي هذه المدّة يجوز لكل دائن مقيّد أن يطلب بيع الأصل التجاري طبق أحكام الفصل 245 من هذه المجلة"

وتؤكّد بذلك محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة ما ذهبت إليه في عديد القرارات السابقة من أن الإدلاء بشهادة في وجود تقاييد أو قائمة بالتقاييد الموجودة طبق  مقتضيات الفصل 242 من المجلة التجارية أمر ضروري كلما تعلق الأمر بفسخ عقد كراء محل يستغل به أصل تجاري ولو كان سند القيام متمثلا في الأحكام العامة لمجلة الالتزامات والعقود وكان سبق لها أن نحت نفس المنحى عند القيام بدعوى الفسخ على معنى الفصل 23 من قانون الأكرية وفي عديد المناسبات الأخرى  ( تعقيبي مدني عدد23891 مؤرخ في 3 جويلية 2003 ن م ت السنة 2003 ج 2 ص.219) تعقيبي مدني عدد 7689 مؤرخ في 20 جوان 1983 ن م ت 1984، ج2 ص.146)





[1]  الفصل 273 من مجلة الالتزامات والعقود : إذا حل الأجل وتأخر المدين عن الوفاء فللدائن الحق أن يغصب المدين على الوفاء إن كان ممكنا وإلا فسخ العقد مع أداء ما تسبب عن ذلك من الخسارة في كلتا الحالتين
فإن كان الوفاء لا يتيسر إلا في البعض جاز للدائن إمّا طلب الوفاء الجزئي أو فسخ العقد مع تعويض الخسائر في كلتا الحالتين. وتجري في المماطلة القواعد المقررة بالفصول المتعلقة بالعقود الخاصة.
وفسخ العقد لا يكون إلا بحكم
الفصل 274 : إذا اشترط العاقدان أنّ عدم وفاء أحدهما بما التزم به يوجب فسخ العقد فإنّ العقد ينفسخ بمجرّد وقوع ذلك.
الفصل 243 :  يجب الوفاء بالالتزامات مع تمام الأمانة ولا يلزم ما صرّح به فقط بل يلزم كل ما ترتب على الالتزام من حيث القانون أو العرف أو الانصاف حسب طبيعته.