lundi 24 décembre 2018

محكمة التعقيب : يجوز تغيير شكل التعويض عن الضرر المادّي أمام محكمة الدرجة الثانية. الدوائر المجتمعة عـ13035ـدد مؤرخ في 11 جوان 2015.

خوّل المشرّع للمرأة المطلقة بخصوص التعويض عن الضرر المادّي الاختيار بين التعويض في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة  أو التعويض في شكل جراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ضل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن.

وقد تجد الزوجة نفسها امام خيار صعب عند الحسم في شكل التعويض عن ضررها المادّي وعليها دراسة الأمربرويّة ومعرفة أوجه الاختلاف فيه بدقة كما قد تكتشف أثناء سير القضية أو في الطور الاستئنافي أنها أساءت الاختيار وأنه كان من مصلحتها اختيار شكل دون آخر. وإذا كان تغييير الطلب أثناء نشر القضية ابتدائيّا لا يطرح إشكالا طالما كانت العبرة بالطلبات النهائيّة فإن تغييره أمام محكمة الدرجة الثانية قد يصطدم صعوبات تتعلق بمبادئ إجرائية أساسية.

ويتمثل الإشكال من الناحية الإجرائية في معرفة ما إذا كان يمكن للزوجة التراجع عن اختيار شكل صرف الغرم المادّي وتغييره أمام محكمة الدرجة الثانية دون أن تجابه بعدم جواز تقديم طلبات جديدة  في الطور النهائي وبمبدأ التقاضي على درجتين ؟ هذا ما أجابت عليه الدوائر المجتمعة في قرارها المؤرخ في 11 جوان 2015 عـ13035ـدد.

وقائع القضيّة : تم إيقاع الطلاق بين الطرفين ابتدائيّا بموجب الإنشاء من الزوج وتغريم الأخير بمبلغ 8000 دينارا بعنوان ضرر مادّي..و طعنت الزوجة بالاستئناف في الحكم المذكور طالبة تحويل غرامة الضرر المادّي إلى جراية عمريّة لا تقل عن 300 دينارا تدفع لها مشاهرة وبالحلول من انتهاء عدّتها إلى انتفاء الموجب وقضت محكمة الاستئناف بصفاقس صلب الحكم عـ49116ـدد بتاريخ 26/12/2012 بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وفق نصّه بناء على أنّ تغيير شكل التعويض من رأس مال إلى جراية يعتبر طلبا جديدا عملا بأحكام الفصل 148 من م.م.م.ت.
في القضية عـ54326ـدد بتاريخ 17/02/2014 تمسكت محكمة الاستئناف بصفاقس بموقفها عند النظر في القضية بوصفها محكمة إحالة معتبرة أنه لا يمكن مجاراة محكمة التعقيب فيما ذهبت إليه في قرارها عـ2013/631ـدد بتاريخ 4/7/2013 التي قضت بأنّ المطالبة بتغيير شكل التعويض  من رأس مال إلى جراية لا يعدّ طلبا جديدا على معنى الفصل 148 من م.م.م.ت.
وبناء على الطعن بالتعقيب من طرف الزوجة المستأنفة للمرة الثانية لنفس السبب تعهّدت الدوائر المجتمعة بالمسألة و كان عليها البت في المسألة الخلافية بين محكمة الإحالة ومحكمة التعقيب.

المسألة الخلافيّة : هل أنّ المطالبة بتغيير شكل التعويض عن الضرر المادّي يعدّ طلبا جديدا لا يجوز تقديمه أمام محكمة الدرجة الثانية على معنى الفصلين 147 و 148 من م.م.م.ت أم أنه مجرّد تغيير لشكل صرف الطلب لا غير المتمثل في التعويض عن الضرر المادّي؟

الفصل 31 من م.أ.ش : 

 يحكم بالطلاق
بتراضي الزوجين
بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر
بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به
ويقضى لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادّي والمعنوي الناجم عن الطلاق في الحالتين المبينتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه. وبالنسبة للمرأة يعوض لها عن الضرر المادّي بجراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ضل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن. وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا وانخفاضا بحسب ما يطرأ من متغيرات. وتستمر إلى أن يتوفى المفارقة أو يتغير وضعها الاجتماعي بزواج جديد أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية. وهذه الجراية تصبح دينا على التركة في حالة وفاة المفارق وتصفى عندئذ بالتراضي مع الورثة أو على طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنها في ذلك التاريخ، كل ذلك ما لم تخير التعويض لها عن الضرر المادّي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة.

الفصل 147 من م.م.م.ت :

 الدّعوى التي حكم فيها ابتدائيّا لا يمكن الزيادة فيها ولا تغييرها لدى الاستئناف ولو رضي الخصم بذلك إلا إذا كانت الزيادة المطلوبة تتعلق بأداء أجر أو فوائض أو كراء أو بقايا ونحوها من الملحقات المتعلقة بالدعوى الأصليّة والتي استحقت بعد صدور الحكم أو بغرم ضرر تفاقم أمره بعد صدور الحكم أو بطلب الضمانات المستوجبة بعد الحكم

الفصل 148 من م.م.م.ت :

 يمكن تغيير السبب المبني عليه المطلب إذا كان موضوع الطلب الأصلي باقيا على حاله بدون تغيير وكان السبب الجديد غير قائم على وقائع جديدة لم يقع طرحها لدى محكمة الدرجة الأولى، كذلك يمكن الاحتجاج بوسائل جديدة لدى الاستئناف.

اعتبرت الدوائر المجتمعة في هذا القرار أنّ تغيير الطلب أمام محكمة الدرجة الثانية لا يعدّ من قبيل الطلب الجديد طالما يتعلّق الأمر بنفس المؤسسة وهي التعويض عن غرم الضرر المادّي بصرف النظر عن شكل صرف الغرم المذكور  وعليه فإنّ تغيير شكل صرف التعويض أمام محكمة الدرجة الثانية لا يتخالف مع أحكام الفصلين 147 و148 م.م.م.ت طالما كان الأمر" لا يتعلق بمؤسستين مختلفتين" أو بطلبات جديدة أو سبب قانوني جديد.مرأ

قرار تعقيبي مدني عـ13033 مؤرخ في 11 جوان 2015

..........
المحكمة
حيث أنّ الإشكال القانوني تمثل في إمكانية أن تحوّر الزوجة طلبها في التعويض عن الضرر المادّي بسبب الطلاق من راسمال إلى جراية عمريّة في الطور الثاني.
وحيث أنّ الطاعنة كانت طلبت بالطور الابتدائي التعويض لها عن الضرر المادّي للطلاق بغرامة تصرف لها في شكل رأسمال وقضي لها ابتدائيّا إلا أنها بالطور الاستئنافي حوّرت طلبها من راسمال إلى جراية عمريّة وعارضتها في ذلك محكمة الاستئناف على اساس أنّ الطلب جديد ويخالف الفصل 147 من م.م.م.ت والتي أصرّت على موقفها رغم نقض قرارها تعقيبيّا وأضحى الإشكال القانوني مضروفا أمام هذه الدائرة في معرفة إن كان تغيير شكل الغرم من رأسمال إلى جراية بالطور الاستئنافي يعدّ طلبا جديدا يخالف الفصل 147 من م م م ت.
وحيث يعدّ جديدا الطلب الذي لم يعرض على محكمة الدرجة الأولى ويثار لأوّل مرّة أمام محكمة الدرجة الثانية وه ما لا يجيزه الفصل 148 من م.م.م.ت أمّا أن يحافظ الطاعن على نفس الطلب المتمثل في التعويض عمّا لحقه من ضرر مادّي والذي سبق عرضه أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يطلب من محكمة الطعن سوى تغيير شكل صرف الغرم من رأس مال إلى جراية فإنّ ذلك لا يعدّ طلبا جديدا وإنما هو اختيار في طريقة صرفه لا تخالف الفصلين 147 و148 من م.م.م.ت فالطاعنة عندما عرضت أمام محكمة الاستئناف تغيير صيغة التعويض عن الضرر المحكوم به منذ الطور الأول لا تعتبر قدّمت طلبا جديدا ولا يندرج طلبها فيما هو محجّر بالفصل 147 م.م.م.ت لأنها حافظت على نفس التعويض وهو الضرر المادّي عن الطلاق وتبعا لذلك فلا مجال للحديث مثلما انتهت إليه محكمة الاستئناف عن مؤسستين مختلفتين فالعنصر الوحيد الثابت وهو الجامع في الطلبات هو التعويض عن الضرر المادّي أما المتغير فهو صرف التعويض فقط وعليه لا  وجود لطلبات جديدة طالما أنها لا تزيد أو تختلف عن الطلب الأصلي أو أنها تستند إلى سبب قانوني غير السبب الذي يفي عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى
.... وحيث يكون الحكم المطعون فيه تبعا لكل ما تقدّم قد خرق القانون لما اعتبر طلب التعويض في شكل جراية من قبيل الطلبات الجديدة بما يتجه معه نقضه وإرجاع القضيّة إلى المحكمة التي أصدرته لإعادة النظر فيه بهيئة أخرى
ولهذه الأسباب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض القرار المطعون فيه وإحالة القضيّة على محكمة الاستئناف بصفاقس للنظر فيه مجدّدا بهيئة أخرى وإعفاء الطاعنة من الخطيّة وإرجاع معلومها المؤمن إليها 
وصدر هذا القرار بحجرة الشورى بتاريخ 11 جوان 2015 برئاسة السيد خالد العيّاري الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب

dimanche 21 octobre 2018

Bensalha Med Wadiee, Avocat.: Divorce by mutual consent

Bensalha Med Wadiee, Avocat.: Divorce by mutual consent: Divorce by mutual consent is the first type of divorce mentioned in article 31 of the Personal Status Code. In this type of divorce, bo...

محكمة التعقيب : أجل الطعن بالتعقيب في الأحكام المدنية للمقيمين خارج التراب التونسي، الدوائر المجتمعة عـ292ـدد مؤرخ في 28 فيفري 2013

أقرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة أنّ الأجل الإضافي المذكور بالفصل 141 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية والذي يمنح الخصم المتواجد خارج التراب التونسي ثلاثين يوما إضافية للطعن بالاستئناف في الأحكام المدنية ينسحب أيضا على الطعن بالتعقيب وذلك بمقتضى الإحالة اللمضمن بالفصل 197 من نفس المجلة.
في قرارها المؤرخ في 28 فيفري 2013 وبمناسبة النظر في مادّة الخطأ البيّن اعتبرت الدوائر المجتمعة أن أجل الخمسون يوما الممنوح للخصوم للطعن بالاستئناف في الأحكام المدنية ينسحب أيضا على الطعن بالتعقيب وانتهت إلى إبطال القرار التعقيبي عـ39129ـدد الصادر بتاريخ 19 ماي 2010 والذي كانت محكمة التعقيب قضت فيه برفض التعقيب شكلا لوقوع الطعن بالتعقيب خارج أجل العشرين يوما وتغافلت عن وجود الأجل الإضافي بثلاثبن يوما الوارد بالفصل 141 على الطعن بالتعقيب.

كان قضاء محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة مستندا على قراءة لأحكام الفصول 141 و195 و 197 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية و ذهبت إلى انسحاب أحكام الفصل الأول المتعلق بإجراءات الاستئناف على إجراءات الطعن بالتعقيب بمقتضى إحالة الفصل الأخير.
ينص الفصل 141 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية المتعلق بأجل الطعن بالاستئناف على ما يلي : " ...يجب أن يوجه الإعلام لكل واحد من الخصوم على حده وإذا كان الخصم متغيبا على التراب التونسي يوم الإعلام يزاد في أجل الاستئناف مدّة ثلاثين يوما.
في حين لم يذكر الفصل 195 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وجود أي أجل إضافي للطعن بالتعقيب بالنسبة للخصم المقيم خارج التراب التونسي : " يجب على من يريد الطعن بالتعقيب أن يرفع طعنه في أجل لا يتجاوز العشرين يوما من تاريخ إعلامه بالحكم بصفة قانونية، ما لم ينص القانون على أجل آخر ويسقط الطعن بمضي الأجل المذكور
الفصل 197 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية  وهو آخر فصل ينضم إجراءات التعقيب بالمجلة يحيل إلى "قواعد الإجراءات المبينة بهذا القانون" أي المجلة إذ ينص على ما يلي : "تنطبق قواعد الاجراءات المبينة بهذا القانون على قضايا التعقيب فيما لا يتخالف مع أحكام هذا الباب وبقدر ما لا يتنافى مع طبيعة نظرها" وهو ما يجعل وفقا لهذا القرار من سحب الحل المضمن بالفصل 141 من المجلة على الطعن بالتعقيب أمرا ضروريّا.

نص قرار الدوائر المجتمعة عـ292ـدد مؤرخ في 28 فيفري 2013 :
الحمد لله وحده
أصدرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة القرار الآتي
بعد الاطلاع على مطلب تصحيح الخطأ البين عدد 1451 المرفوع بتاريخ 4 أوت 2010 من قبل الأستاذ اسماعيل الجنيدي
ضد : ت.د
طعنا في القرار التعقيبي عـ39129ـدد الصادر عن الدائرة المدنية الخامسة بتاريخ 19 ماي 2010 والقاضي برفض مطلب التعقيب شكلا
وبعد الاطلاع على قرار اليد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب المؤرخ في 18 جانفي 2011 والقاضي بتقييد المطلب بدفتر الخطأ البين ودعوة الدوائر المجتمعة للنظر فيه.
وبعد الاطلاع على القرار المطعون فيه وعلى مستندات الطعن ومحضر إبلاغ نسخة منها إلى المعقب ضدّها بواسطة عدل التنفيذ السيد عصام الشابي بتاريخ 1 فيفري 2011
وبعد الاطلاع على ملحوظات الإدعاء العامّ لدى هذه المحكمة المؤرخة في 7 ماي 2011 والرامية إلى رفض المطلب شكلا وبصورة احتياطية قبوله من هذه الناحية وإبطال القرار التعقيبي المطعون فيه بالخطأ البين لمخالفته أحكام الفصول 141 و195 و 197 من م م م ت
وبعد النظر في أوراق الملف وبعد المفاوضة القانونية صرّح علنا بما يلي :
من حيث الشكل :
حيث قدّم  المطلب خلال الأجل القانوني الوارد بالفصل 193 من م م م ت مستوفيا جميع صيغه القانونية ولذلك فهو مقبول شكلا
من حيث الأصل :
حيث اصدرت محكمة الاستئناف بتونس في القضية عـ62249/67117ـدد بتاريخ 8 أكتوبر 2008 والقاضي بقبول الاستئنافين الأصليين شكلا وفي الاصل بغقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وتخطئة المستأنفين بالمال المؤمن وحمل المصاريف القانونية على المحكوم عليه.
فتعقّبه المدّعى عليه في الأصل ...وبتاريخ 19 ماي 2010 صدر القرار التعقيبي القاضي بالرفض شكلا بناء على أنّ الطعن كان خارج الأجل المنصوص عليه بالفصل 195 من م م م ت والمحدّد بعشرين يوما
وحيث طعن المعقّب في هذا القرار بالخطأ البين تأسيسا على :
مخالفة نص الفصلين 197 و 141 من م م م ت :
بمقولة أن الفصل 197 من م م م ت نص وأنه " تنطبق الإجراءات بهذا القانون على قضايا محكمة التعقيب فيما لا يتخالف مع أحكام هذا الباب وبقدر ما لا يتنافى مع طبيعة نظرها" كما جاء بالفقرة قبل الأخيرة من الفصل 141 من نفس المجلة وأنّه " إذا كان الخصم متغيّبا عن التراب التونسي يوم الإعلام يزاد في أجل الاستئناف مدّة ثلاثين يوما " وبالتالي فإنّ أجل التعقيب تصبح 50 يوما ( 20 +30 = 50).
وحيث أن إعلام المعقّب بالقرار ألاستئنافي تم بتاريخ 18 ماي 2009 وأنّ مطلب تعقيبه قدّم في 17 جوان 2009 فإن المدّة الفاصلة بين التاريخين المذكورين أعلاه تساوي 30 يوما أي قبل نهاية الأجل المضروب.
وحيث أن القرار التعقيبي المراد مراجعته عندما اعتبر أن آجال رفع التعقيب هي عشرون يوما من تاريخ إبلاغ القرار الاستئنافي لمقيم خارج التراب التونسي يكون بذلك مخالفا للفصل 141 من م م م ت الذي حدّ أجل رفع مطلب الطعن بالنسبة للمقيم خارج التراب التونسي بخمسين يوما وهذا يعتبر من قبيل الخطأ البين. ويضيف الدفاع أن الدائرة المدنية الحادية عشر لدى محكمة التعقيب كانت قد أصدرت قرارا تعقيبيّا تحت عـ19748ـدد بتاريخ 18/07/2008 بين نفس أطراف قضية الحال بموضوع غير موضوع قضية الحال وأقرت أنّ الأجل المضروب لتعقيب المقيم خارج التراب التونسي هو 50 يوما طبقا لنص الفصلين 197 و 141 من م م م ت وطلب الحكم بقبول مطلب تصحيح الخطأ البين المرفوع من المعقب شكلا وأصلا ودعوة الدوائر المجتمعة للنظر في مطلب إصلاح الخطأ البي الذي وقعت فيه الدائرة المدنية الخامسة لدى محكمة التعقيب ونقض القرار المطعون فيه وإحالته على إحدى دوائر هاته المحكمة للنظر فيه في الأصل
المحكمة :
عن المطعن الوحيد :
حيث اقتضى الفصل 195 من م م م ت أنه "يجب على من يريد الطعن بالتعقيب أن يرفع طعنه في أجل لا يتجاوز العشرين يوما من تاريخ إعلامه بالحكم بصفة قانونية، ما لم ينص القانون على أجل آخر ويسقط الطعن بمضي الأجل المذكور"
وحيث تضمّن الفصل 197 من ذات المجلة أنه " تنطبق قواعد الإجراءات المبينة بهذا القانون على قضايا محكمة التعقيب فيما لا يتخالف مع أحكام هذا الباب وبقدر ما لا يتنافى مع طبيعة نظرها"
وحيث جاء بالفقرة الأخيرة من الفصل 141 من م م م ت أنه " يجب أن يوجّه الإعلام لكل واحد من الخصوم على حده وإذا كان الخصم متغيّبا على التراب التونسي يوم الإعلام يزاد في أجل الاستئناف مدّة ثلاثين يوما"
وحيث يخلص من الفصول المذكورة أعلاه أنّ المشرّع ولئن حدّد أجل الطعن بالتعقيب بعشرين يوما فقد أعطى أجلا إضافيّا بالنظر إلى إقامة المعني بالتبليغ بمكان بعيد وقد خصّ المقيمين خارج التراب التونسي بهذا الأجل التكميلي ورفع بذلك أجل الطعن إلى خمسين يوما.
وحيث أنّ تطبيق ما اقتضته الفقرة الرابعة من الفصل 141 من م م م ت بالاعتماد على أحكام الفصل 197 من ذات المجلة يعدّ وجوبيّا باعتبار أنّ المشرّع تفادى التكرار وبالتالي منح المتقاضي المقيم خارج التراب التونسي أجلا تكميليا يضاف للأجل الأصلي لكي يمارس حق الطعن بالاستئناف ولا يمكن أن يحرمه من نفس الأجل لممارسة حق الطعت بالتعقيب.
وحيث لا جدال أن المعقّب وقع إعلامه بالحكم المطعون فيه بموجب المحضر عدد 10180 المحرر من عدل التنفيذ محمد فرحات القرمتي بتاريخ 10 ماي 20096 وذلك بمقره الكائن بباريس العاصمة الفرنسية حسبما يقتضيه الفصل 9 من م م م ت.
وحيث عملا بأحكام الفصول 141 و 195 و197 من م م م ت الصريحة والواضحة فإنّ الأجل المضروب للطعن بالتعقيب هو عشرون يوما بداية من تاريخ الإعلام بالحكم المراد الطعن فيه ويضاف لذلك الأجل ثلاثون يوما عند تواجد الطرف المعني خارج التراب التونسي ليصبح خمسون يوما وهي الصورة المنطبقة على قضية الحال
وحيث ولمّا تم إعلام الطاعن بالحكم الاستئنافي بتاريخ 18 ماي 2009 بمقره بفرنسا فإنّ طعنه بالتعقيب في 17 جوان 2009 يكون خلال أجل الخمسين يوما المحدّدة قانونا كأجل طعن للمقيمين خارج البلاد التونسية.
وحيث أضحى القضاء برفض التعقيب شكلا لوقوعه خارج الآجال مشوبا بالخطأ البيّن والمتجه تصحيحه وفق ما تخوله الفقرة الثانية من الفصل 192 من م م م ت
ولهذه الأسباب
قرّرت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب تصحيح الخطأ البيّن شكلا وأصلا وإبطال القرار المطعون فيه وإرجاع القضية للسيّد الرئيس الأوّل للإذن بإعادة نشرها
وصدر هذا القرار بجلسة 28 فيفري 2013 عن الدوائر المجتمعة برئاسة السيد ابراهيم الماجري الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب.



mardi 9 octobre 2018

محكمة التعقيب : قواعد احتساب الأجل بداية ونهاية، الدوائر المجتمعة عـ366ـدد و عـ370ـدد بتاريخ 30 مارس 2017

في قرارين صادرين بتاريخ 30 مارس 2018 في مادّة الخطأ البين تعرضت الدوائر المجتمعة لمسألة طريقة احتساب الآجال بداية ونهاية طبق الفصول 140 و 143 من مجلة الالتزامات والعقود وانتهت إلى إبطال القرارين المطعون فيهما لوقوع المحكمة في خطأ بيّن عملا بمقتضيات الفصل 192 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية[1]
الفصل 140 من مجلة الالتزامات والعقود : يوم ابتداء عدّ مدّة الأجل لا يكون معدودا منه وإن قدّر بالأيّام فإنّه يتم عند تمام اليوم الأخير منه
الفصل 143 من مجلة الالتزامات والعقود: إذا وافق حلول الأجل يوم عيد رسمي اعتبر مكانه اليوم الذي يليه مما ليس بعيد
انتصبت الدوائر المجتمعة في القرار الأول عـ366ـدد للقضاء في مادّة الخطأ البين بناء على الطعن في القرار التعقيبي عـ16764ـدد بتاريخ 06/07/2015 الذي قضى برفض التعقيب شكلا بمقولة مخالفة أحكام الفصل 357 ثالثا من مجلة الحقوق العينية الذي يقتضي أن تودع عريضة أسباب الطعن وما يفيد تبليغها ونسخة الحكم المطعون فيه مع الوصل في تسلمها  في أجل ثلاثون يوما من تاريخ تسلّم نسخة حكم التسجيل العقاري حيث تفيد الوقائع أنه تم تقديم عريضة الطعن وما يفيد تبليغها للمعقب ضدهم في 23 مارس 2015 والحال أنّ الأجل ينتهي يوم 22 مارس 2015 وهو يوم أحد وهو يوم عطلة أسبوعية.


أقرت الدوائر المجتمعة أنه طالما كان يوم حلول الأجل يوم أحد أي يوم راحة أسبوعية فإنّ الأجل يمتدّ إلى اليوم الذي يليه أي يوم 23 مارس 2015 وأن المحكمة حين قضت برفض التعقيب شكلا بناءا عدم احترام أجل الثلاثين يوما قد وقعت في غلط واضح يتعين معه قبول مطلب تصحيح الخطأ البين وإلغاء القرار المنتقد وإحالة القضيّة على السيد الرئيس الأول للإذن بإعادة نشرها.


القرارعــ366ــدد باريخ 30/03/2018  
"....وحيث اقتضى الفصل 143 من م ا ع أنه إذا وافق حلول الأجل يوم عيد رسمي اعتر مكانه اليوم الذي يليه مما ليس بعيد.وحيث وطالما أنّ يوم حلول الأجل هو يوم 22 مارس 2015 وهو يوم راحة أسبوعية فإنّ الأجل يمتدّ إلى اليوم الذي يليه أي 23 مارس 2015 وهو اليوم الذي تولى فيه نائب المعقبين ايداع مستندات التعقيب والوثائق المصاحبة لها بكتابة المحكمة ويكون قد احترم الأجل المنصوص عليه بالفصل 357 ثالثا من  م ح ع " 
   
أما في القرار الثاني عـ370ـدد مؤرخ في 30/03/2017 فقد تعرضت الدوائر المجتمعة إلى مسألة يوم ابتداء عدّ الأجل وقررت قبول مطلب الطعن بالخطأ البين شكلا وأصلا وإبطال القرار التعقيبي عـ22840ـدد الصادر بتاريخ 18 جانفي 2016 الذي قضي فيه بالرفض شكلا بمقولة أن مستندات الطعن بالتعقيب قدّمت خارج الأجل القانوني المضروب بالفصل 185 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية حيث قدّم مطلب التعقيب في 28 جانفي 2015 في حين لم تقدم مستندات التعقيب إلا في 27 فيفري 2015

أقرت الدوائر المجتمعة أن المحكمة قد وقعت في خطأ بين حين احتسبت يوم تقديم مطلب التعقيب في عدّ الأجل والحال أنه يوم ابتداء عدّ الأجل القانوني ولا يكون معدودا لاحتسابه عملا بمقتضيات الفصل 140 من مجلة الالتزامات والعقود وهو مبدأ سبق لمحكمة التعقيب اعتماده في مناسبات عديدة[2]
القرار عـ370ـدد بتاريخ 30 مارس 2017

"...وحيث يفهم مما سبق بيانه ( الفصل 140 من م ا ع) أنّ يوم ابتداء عدّ مدّة الأجل لا يكون معدودا منه
وحيث واعتمادا على أحكام الفصل 140 من م ا ع فإنّ الطعن بالتعقيب بتاريخ 28 جانفي 2015 وتقديم مستندات الطعن في 27 فيفري 2015 يكون في الأجل القانوني اعتبارا بأنّ يوم ابتداء عدّ الأجل لا يعدّ"



 [1]قرار الدوائر المجتمعة عـ250ـدد مؤرخ في 27 أفريل 2006 قرارات الدوائر المجتمعة لسنة 2006، منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية، ص.17 : "إنّ مسألة احتساب الآجال ليست من المسائل التي تخضع لاجتهاد المحكمة ولسلطتها التقديرية وإنّ الخطأ فيها يكون مردّه السهو ويمكن وصفه بالغلط الواضح وهي الحالة الأولى التي أوردها الفصل 192 م م م ت 
المتعلقة بالخطأ البين الموجبة للإبطال

 [2]
يبدأ احتساب الأجل من اليوم الموالي للإعلام ولا يحتسب فيه يوم الإعلام : قرارتعقيبي مدني عـ21809ـدد مؤرخ في 3 ديسمبر 2002 ن م ت لعام 2002، ج1، ص.50

mercredi 12 septembre 2018

محكمة التعقيب : بداية سريان أجل القيام في الدعاوى الشغلية. الدوائر المجتمعة عـ16672ـدد بتاريخ 27 أفريل 2017

ماهو منطلق احتساب أجل العام الذي بانقضائه تسقط الدعوى الشغلية فيما يتعلق بالمنح ؟ هل هو تاريخ استحقاق تلك المنح أم تاريخ انتهاء العلاقة الشغلية ؟


تلك هي المسألة التي عرضت على أنظار الدوائر المجتمعة للبت فيها في القضية عـ16672ـدد بتارخ في 27/04/2017 و قد كانت مسألة تاريخ بداية احتساب الأجل بالنسبة للمنح والمستحقات الشغلية محل تباين في المواقف إذ كانت محكمة التعقيب قد اعتبرت في بعض القرارات أنّ الأجل يبدأ احتسابه من تاريخ استحقاق المنحة وذلك بخلاف الدعاوى الشغلية موضوع غرامات الطرد[1] في حين ذهبت في عديد المناسبات الأخرى إلى اعتبار أنّ بداية احتساب الأجل بالنسبة للمنح والمستحقات يكون من تاريخ قطع العلاقة الشغلية كغيرها من الدعاوى الشغلية[2]

تمثلت وقائع القضية المعروضة لنظر الدوائر المجتمعة في قيام الأجير بدعوى شغلية طالبا إلزام مؤجره بآداء جملة من المبالغ بعنوان مستحقاته المستوجبة قانونا فقضي لفائدته ابتدائيّا من طرف دائرة الشغل بالمحكمة الابتدائية ببن عروس في القضية عـ34400ـدد بتاريخ 26/05/2011 ثم نهائيّا من طرف محكمة الاستئناف بتونس في القضية عـ25939ـدد بتاريخ 27/03/2012 وذلك بإلزام المؤجر بأن يؤدّي له جملة من المبالغ المتفاوتة بعنوان منحة عيد الفطر ومنحة عيد الاضحى ومنحة الحضور ومنحة النقل ومنحة القفة ومنحة لباس الشغل وبعنوان الفارق في الأجر ومنحة الراحة السنوية ومنحة الانتاج.

وبموجب طعن المؤجر المحكوم ضده بالتعقيب  قضت محكمة التعقيب في القرار عـ77122ـدد بتاريخ 1/10/2012 بالنقض والإحالة وكان النقض مؤسسا على أنّ حق القيام بالدعوى التي تتعلق بالأجور والمنافع الاجتماعية يسقط بمرور عام من تاريخ استحقاقها في حين أن الدعاوى المتعلقة بغرامات ومنح الطرد تسقط بمرور عام من تاريخ قطع العلاقة الشغلية.

تمسكت محكمة الاستئناف بتونس بوصفها محكمة إحالة بموقفها في الحكم الاستئنافي عـ48195ـدد بتاريخ 25/04/2014 وقضت بإلزام المؤجر بأن يؤدّي جملة المبالغ المالية المتمثلة في المنح المذكورة معتبرة أنّ أجل سقوط حق القيام بالدعوى الشغلية مهما كان نوعها يبدأ احتسابه من تاريخ انتهاء العلاقة الشغلية دون تمييز بين الدعاوى المتعلقة بالمستحقات الشغلية الناجمة عن تنفيذ العقد أو تلك المتعلقة بالتعويض عن الطرد.

الفصل 147 من مجلة الشغل : إنّ الدعاوى مهما كان نوعها بين المؤجرين والعمّال والمنظمات المشرفة على المنافع الاجتماعية المترتبة عن علاقات الشغل يسقط حق القيام بها بمرور عام من الزمن

الفصل 148 من مجلة الشغل: عندما يتعلق الأمر بدعاوى بين مؤجرين وعملة فإنّه يسقط حق القيام بها ابتداءا من تاريخ انتهاء علاقة الشغل. وفي ما يخص المنافع الاجتماعية فإنّ بداية سقوط الحق في القيام بالدعوى مضبوطة بالنصوص الخاصّة المتعلقة بالحق المذكور

الفصل 23 من مجلة الشغل : ....كل دعوى للتحصيل على الغرم من أجل القطع التعسفي لعقد الشغل من أحد الطرفين يجب تقديمها لكتابة دائرة الشغل خلال العام الذي يلي القطع وإلا سقطت هذه الدعوى

الفصل 393 من مجلة الالتزامات والعقود : سقوط الدعوى بمرور الزمان لا يتسلّط على الحقوق إلا من وقت حصولها...

الفصل 403 من مجلة الالتزامات والعقود : تسقط الدعوى بمضي عام ذي ثلاثة وخمسة وستين يوما.....فيما يطلبه العملة والصناع وأصحاب الحرف عن أجرتهم وعمّا دفعوه من البضائع والمصاريف بمناسبة خدمتهم وكذلك ما سبقه المستخدم لصناعه وأجرائه بذلك العنوان

تعهّدت الدوائر المجتمعة بالموضوع بموجب طعن المؤجر في الحكم ألاستئنافي المذكور لنفس السبب والمتمثل في خرق أحكام الفصلين 147 و 148 من مجلة الشغل وتأسس الطعن على مقولة أنّ المشرع فرّق بين الدعاوى الواردة بالفصل 147 وتلك التي وردت بالفصل 148 والتي يستنتج من قراءتها أنّ أجل التقادم بالنسبة للمطالبة بالمستحقات الشغلية ينطلق من تاريخ استحقاق المنحة أو الأجر ولا فرق بين المطالبة بها عند قيام العلاقة الشغلية أو بعد انقطاعها في حين أنّ سقوط الدعوى الشغليّة فيما يتعلّق بغرامات ومنح الطرد ينطلق أجله من حصول واقعة الطرد.


اعتبرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة أنّ منطلق احتساب أجل القيام في الدعاوى الشغلية المتعلقة بالمنح والمستحقات هو انقطاع العلاقة الشغلية ولا فرق في ذلك بين هذه الدعاوى و الدعاوى المتعلقة بغرامات الطرد وانتهت إلى رفض مطلب التعقيب أصلا بعد أن تطرقت المحكمة في مرحلة أولى إلى طبيعة الأجل الوارد بالفصلين 147 و148 من م ش ثم تطرقت إلى بيان موضوع الفصلين المذكورين وتحديد عبارة "المنافع الاجتماعية" الواردة بالفصل 148.

 أولا : طبيعة الأجل الوارد بالفصلين 147 و148 من م ش : أجل تقادم

تطرقت الدوائر المجتمعة في بداية عرضها للمسألة إلى طبيعة الأجل المذكور بالفصلين 147 و 148 من مجلة الشغل معتبرة بعبارات صارمة أنه لا يمكن أن يكون إلا أجل تقادم يقبل القطع.
الأجل الوارد بالفصلين 147 و148 هو أجل تقادم يقبل القطع وليس أجل سقوط  ضرورة أن ذكر السقوط بالفصلين "جاء بالمعنى العام المعتمد" في سائر الأحكام المتعلقة بأجل القيام بالدعوى كما هو الحال بالنسبة للفصول 384 وما بعده من م ا ع وخاصة الفصل 385 من م ا ع الذي أقر أن "سقوط الدعوى بمرور الزمن لا يقوم بنفسه بل يحتج به من له مصلحة" بخلاف المسقطات التي تتمسك بها المحكمة من تلقاء نفسها عملا بالفصل 14 من م م م ت وهو ما يعني بالنسبة للدوائر المجتمعة أنّ القول بأن الأجل في الفصلين 147 و148 من مجلة الشغل هو أجل مسقط "لا مجال له ولا يستقيم ولا يجد أساس  له بل ويتعارض مع أحكام القانون وتعين استبعاده ويتجه اعتبار أنّ الأجل الوارد بالفصل 147 و148 من م ش هو أجل تقادم يقبل القطع"
وكانت محكمة التعقيب اعتبرت في عديد المناسبات الأخرى أنّ الأجل المذكور هو أجل سقوط لا يقبل القطع أو التعليق[3].

ثانيا : مناط أحكام الفصلين 147 و148 من مجلة الشغل: جميع الدعاوى الشغلية.

 اعتبرت الدوائر المجتمعة أنّ الفصل 147 من م ش ينظم الدعاوى مهما كان نوعها "سواء بين الأجير ومؤجره أو بين المنظمات المشرقة على المنافع الاجتماعية" وهو ما يعني أنّ  المقصود بالقضايا الواردة بالفصل 147 من مجلة الشغل هي "القضايا الشغلية أو قضايا الضمان الاجتماعي قبل أن تستقل الأخيرة بنظام تقاضي خاص" أقرّه القانون عدد15 لسنة 2003 المتعلق بإحداث مؤسسة قاضي الضمان الاجتماعي ولم يتضمن الفصل 147 بداية احتساب أجل العام ولا يمكن تحميله أكثر مما يحتمل باعتباره نصا خاصا.

أمّا الفصل 148 من مجلة الشغل الذي تعلق بالقضايا الشغلية وحدّد بداية سريان أجل القيام من تاريخ انتهاء العلاقة الشغلية فإنّ حصره في المطالبة بالغرامات الناجمة علن الطرد لا يستقيم خاصّة وأنّ هذا النوع قد خصّه المشرّع بنص ضمن الفصل 23 من مجلة الشغل مما يؤكّد أن الفصل 148 يتعلق أساسا بالأجور والمنح الملحقة بها.
و تضيف الدوائر المجتمعة أنّه لا مجال لاعتماد القاعدة العامّة الواردة بالفصل 393 من م ا ع باعتبار انّ الفصل 148 من مجلة الشغل "واضح وصريح" في إقرار بداية سريان التقادم المتعلق بالقضايا الشغلية بجميع أنوعها هو انقطاع العلاقة الشغلية.
هل تشمل عبارة المنافع الاجتماعية المنح والامتيازات أم أنها تقتصر على ما يتعلق بتغطية الخدمات الاجتماعية المرتبطة بالصناديق الاجتماعية؟

تطرقت المحكمة إلى تعريف عبارة المنافع الاجتماعية الواردة بالفصل 148 من مجلة الشغل واعتبرت أنّ المقصود بالمنافع الاجتماعية في الفصل 148 هي المنح والامتيازات لا يستقيم قانونا ضرورة أنّ المنافع هي المبالغ التي يقع اقتطاعها من الأجر والتي ترصد لتغطية كل ما يشمل الخدمات التي تسديها الصناديق الاجتماعية والمنشآت المؤيدة للخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية أما المنح والامتيازات فإنها تلحق بالأجر عملا بالفصل 134 من مجلة الشغل.

الفصل 134 من مجلة الشغل فقرة 2 : يقصد بالأجر الأجر الاساسي مهما كانت طريقة احتسابه وملحقاته من منح وامتيازات سواء كانت نقدية أو عينية مهما كانت طبيعتها قارة أو متغيرة وعامة أو خصوصية باستثناء المنح التي لها صبغة استرجاع مصاريف

ويقصد بالأجر الأدنى المضمون الحدّ الأدنى الذي لا يمكن النزول تحته لتأجير عامل مكلف بإنجاز أعمال لا تتطلب اختصاصا مهنيّا.



[1]  "بخصوص الدفع بسقوط الدعوى الشغلية بمرور الزمن ينبغي التفريق فيه بين الدعوى الهادفة لطلب مستحقات اجتماعية وبين الدعوى الهادفة للتعويض عن الطرد التعسفي إذ أنّ مدّة التقادم بالنسبة للدعوى الأولى تنطلق من تاريخ استحقاق المنحة ولا فرق بين المطالبة في ظل العلاقة الشغلية أو بعد انقطاعها عدى منحة الراحة السنوية الخالصة الأجر فهي تنطلق من تاريخ انقطاع العلاقة لأنه في ظل العلاقة الشغلية لا يستحق الأجير راحة بل تعويضا وبالنسبة للدعوى الثانية فإنّ احتساب مدّة السقوط الحولي ينطلق من تاريخ الطرد وهو أجل سقوط لا يقبل القطع ولا التعليق وتفربعا على ذلك فإنّ محكمة القرار لما استجابت لطلب التعويض عن الطرد التعسفي لوقوع قطع سريان مدّة السقوط لقيام سابق تكون أساءت تطبيق القواعد القانونية بصورة تعرض قضائها للنقض" تعقيبي مدني عـ5324ـدد مؤرخ في 11/11/1998، ن م ت لعام 1998، قسم مدني، ج.2، ص.419.

[2]  " حيث أنّ الدفع بكون حق المطالبة بمنحة الراحة السنوية يسقط القيام به ابتداءا من تاريخ استحقاق تلك المنحة يتعارض وأحكام الفصل 148 من م ش التي تقتضي أنه عندما بتعلق الأمر بدعاوى بين مؤجرين وعملة فإنّه يسقط حق لقيام بها ابتداءا من تاريخ انتهاء علاقات الشغل لأن المنحة السنوية الخالصة هي ليست من المنافع الاجتماعية الوارد بها الفصل 148 المذكور والتي تنضمها نصوص خاصّة متعلقة بالحق موضوعها " تعقيبي مدني عـ11367ـدد مؤرخ في 29/09/2007، ن م ت لعام 2007، قسم مدني ومرافعات، ج.1، ص.351

[3]  "كل دعوى للتحصيل على الغرم من أجل القطع التعسفي لعقد الشغل من أحد الطرفين يجب تقديمها لكتابة دائرة الشغل خلال العام الذي يلي القطع وإلا سقطت هذه الدعوى ضرورة أنّ هذا الأجل هو أجل سقوط لا يقبل القطع أو التعليق" تعقيبي مدني عـ2500ـدد مؤرخ في 20/09/2000، ن م ت لعام 2000، قسم مدني، ص.305


mardi 4 septembre 2018

محكمة التعقيب : تنبيه الخروج للهدم وإعادة البناء لا يقتضي التنصيص على عبارات الفصل 27 من قانون الأكرية.



الجمهورية التونسية
وزارة العدل
محكمة التعقيب
القضية عدد 18687
توحيد آراء

أصدرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة القرار الآتي:
بعد الاطلاع على مطلب التعقيب المضمن تحت عدد 18687 المقدم بتاريخ 16/09/2014 من طرف الأستاذ محمد الصالح بن يوسف في حق....
ضد: ورثة المرحوم...ورثة...
نائبتهم الأستاذة إيناس الفخفاخ المحامية لدى التعقيب
طعنا في الحكم ألاستئنافي المدني الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس 2 بوصفها محكمة استئناف لأحكام محاكم النواحي الراجعة بالنظر تحت عدد 1529 بتاريخ 06/06/2013 والقاضي نصه نهائيا بقبول الاستئنافين الأصلي والعرضي شكلا وفي الأصل بإقرار الحكم الابتدائي وإجراء العمل به وتخطية المستأنف بالمال المؤمن وتغريمه لفائدة المستأنف ضدهم بثلاثمائة دينار (300د) لذا, أتعاب تقاضي وأجرة محاماة وحمل المصاريف القانونية على المحكوم ضده
وبعد الاطلاع على مذكرة مستندات الطعن المبلغة نسخة منها للمعقب ضدهم بتاريخ 22/09/2014 والمقدمة لكتابة المحكمة في 01/10/2014 .
وبعد الاطلاع على الوثائق التي اوجب تقديمها الفصل 185 من م م م ت وعلى مذكرة الرد المقدمة من نائبة المعقب ضدهم بتاريخ 21/10/2014
وبعد الاطلاع على قرار السيد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الصادر في 07/12/2015 القاضي بإحالة القضية على الدوائر المجتمعة للنظر في المسالة القانونية محل الخلاف.
وبعد الاطلاع على ملحوظات الادعاء العام المؤرخة في 21/12/2015 الرامية إلى قبول مطلب التعقيب شكلا واصلا ونقض الحكم المطعون فيه وإرجاع القضية إلى المحكمة الابتدائية بتونس 2 بوصفها محكمة استئناف لأحكام النواحي التابعة لها لإعادة النظر فيها بهيئة أخرى.
وبعد الاطلاع على الحكم المنفذ وعلى كافة أوراق القضية والتأمل في كافة الإجراءات.
وبعد المفاوضة القانونية صرح بما يلي:
من حيث الشكل:
  حيث وقع التعقيب في الأجل القانوني وصدر ممن له الصفة والمصلحة وضد حكم قابل للطعن بهذه الوسيلة بما يجعله مستوفيا للإجراءات القانونية.
وحيث تبين من ناحية أخرى انه سبق لمحكمة التعقيب أن تعهدت بموضوع قضية الحال في مناسبتين سابقتين وعلى أساس نفس المطعن المستمد من خرق أحكام الفصل 4 من القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/5/1977 وال الأمر إلى خلاف بين دوائر محكمة التعقيب حول ذات المسالة القانونية بما يبرر تعهد الدوائر المجتمعة شكلا تطبيقا لمقتضيات الفصلين 191و192 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية.
من حيث الأصل:
حيث تفيد وقائع القضية حسبما أثبتها القرار المنتقد والأوراق التي انبنى عليها  قيام المدعي في الأصل(المعقب الآن) أمام قاضي ناحية الزهور عارضا انه على ملكه أصل تجاري متمثل في مطعم انجر له بالشراء من والده وهو مستغل بالمحل التجاري الكائن بنهج 4001 عدد 74 حسب عريضة الدعوى حي الزهور تونس وهو في تسوغه من المدعي عليهم في الأصل(المعقب ضدهم الآن)  الذين وجهوا له بتاريخ 19/04/2007 بواسطة عدل التنفيذ ريم ألمساكني حسب رقيمها عدد 1452 للخروج وإعادة البناء على معنى الفصل 9 من القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/05/1977 وأضاف المدعي أن ذلك التنبيه معتل لانبنائه  على قرار هدم مضى على صدوره أكثر من عام كما لم يشمل التنبيه المرأة.... إحدى ورثة المرحوم.... علاوة على اتصال القضاء بموضوع قضية الحال السبق توجيه تنبيهين في الغرض تم الحكم قضائيا بإبطالهما وانتهى العارض إلى طلب الحكم بإبطال محضر التنبيه عدد 1452 المشار إليه.
وبعد استيفاء الإجراءات القانونية  قضى حاكم ناحية تونس 2 حي الزهور تحت عدد 2973 بتاريخ 03/04/2008 بعدم سماع الدعوى وهو حكم تأييد استئنافيا تحت عدد 109 بتاريخ 30/04/2009 . 
وحيث طعن المدعي في الأصل في هذا الأخير بالتعقيب ناعيا عليه خرق القانون بمقولة أن النزاع الحالي خاضع لأحكام القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/05/1977 وهو قانون يهم النظام العام وقد اتضح بالرجوع إلى محضر التنبيه عدد 1452 انه لم يذكر عبارات الفصل 27 من القانون المذكور واكتفى بذكر عبارات الفصل التاسع وكان على المحكمة القضاء بإبطال التنبيه من تلقاء نفسها إلا أنها لم تفعل طالبا نقض الحكم ألاستئنافي مع الإحالة
وحيث قررت محكمة التعقيب بموجب قرارها عدد 2009/41865 الصادر بتاريخ 23/11/2010 نقض الحكم المنتقد مع الإحالة بناء على أن الاكرية  التجارية لا تنتهي بحلول اجلها ونهاية مدتها بل لا بد لإنهائها من تنبيه وقد نص الفصل الرابع من قانون 25 ماي 1977 الموجب لحتمية التنبيه بالخروج لتنهية العقود التجارية على هذا الإعلام بصيغ شكلية وأوجبت الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع السرد الحرفي لأحكام الفصل 27 من نفس القانون وعوقب على مخالفة ذلك بإلغاء التنبيه... وقد خلا التنبيه موضوع قضية الحال من التنصيص على أحكام الفصل 27 وان تجاوزت المحكمة لهذا الإخلال وعدم إثارته ينطوي على خرق لأحكام الفصل الرابع من قانون 25 ماي 1977 والفصل 14 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية
وبتعهد محكمة الدرجة الثانية بالقضية بوصفها محكمة إحالة قضت تحت عدد 1007 بتاريخ 09/01/2012 بنقض الحكم الابتدائي والقضاء مجددا بإبطال محضر التنبيه عدد 1452 لعدم تضمنه عبارات الفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة 1977.  
وحيث تعقب المدعى عليهم في الأصل ذلك الحكم وبعد استيفاء الإجراءات القانونية قررت محكمة التعقيب تحت عدد 2010/73630 بتاريخ 22/11/2012 النقض والإحالة تأسيسا على انه خلافا لما جاء بالقرار المطعون فيه فان التنصيص على أحكام 27 من قانون الاكرية التجارية المؤرخ في 25/05/1977 غير وجوبي في جميع الحالات التي نرغب فيها المالك تنهية العلاقة التسويغية وإنما اوجب الفصل 4 من نفس القانون ذكره في التنابيه المتعلقة بتجديد العلاقة الكرائية بشروط جديدة أو الامتناع من التجديد وهي غير صورة الحال التي تأسست على أحكام الفصل 9 من نفس القانون والتي لا يخضع فيها التنبيه لأحكام الفصل 27 المذكور وما حتمه القرار المعقب على المعقبين من وجوب تضمين التنبيه بالامتناع عن التجديد لإعادة بناء العقار على أحكام الفصل 27 المذكور فيه خرق لأحكام الفصل 540 من م ا ع
وبتعهد محكمة الدرجة الثانية للمرة الثالثة بالقضية وللمرة الثانية بوصفها محكمة إحالة أصدرت حكمها المنتقد المضمن بالطالع القاضي بتأييد الحكم الابتدائي بناء على انه لا مصلحة من التنصيص صلب محضر التنبيه التجاري الموجه على معنى الفصل 9 من القانون عدد 37 لسنة 1977 على مقتضيات الفصل 27 لان المشرع ضبط حقوق المتسوغ والمسوغ في صورة رفض التحديد لإعادة البناء بكل دقة وان المحكمة لا تجاري ما جاء بمستندات الطعن من أن  أحكام الفصل الرابع من القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/05/1977 تنطبق سواء كان الأمر يتعلق بالتجديد أو رفض التجديد ويكون المسوغ بذلك ملزما بتوجيه تنبيه بواسطة عدل منفذ ستة أشهر من قبل والتذكير بعبارات الفصل 27 ذلك أن الفصل الرابع جاء تحت عنوان "في تجديد التسويغ" في حين أن العنوان الثالث جاء تحت عنوان مستقل وهو "في رفض التجديد".
وحيث تعقب المدعي في الأصل الحكم ألاستئنافي الأخير ناعيا عليه بواسطة محاميه ما يلي:
المطعن الوحيد: مخالفة القانون
قولا بأنه وسواء تعلق الأمر بتجديد التسويغ أو برفض التجديد فان الفصل 4 من القانون عدد 37 لسنة 1977 اوجب ضرورة ذكر عبارات الفصل 27 صلب محضر التنبيه خلافا لما ذهبت إليه محكمة الحكم المطعون فيه لما اعتبرت أن التنصيص على عبارات الفصل 27 غير ضروري عند توجيه التنبيه على معنى أحكام الفصل 9 من قانون الاكرية التجارية.
المحكمة:
عن المطعن الوحيد المأخوذ من مخالفة القانون:
حيث انحصر الإشكال القانوني حول وجوبية تضمين عبارات الفصل 27 من القانون عدد 37 لسنة 1977 المؤرخ في 25/05/1977 في التنبيه على معنى أحكام الفصل 9 من ذلك القانون أي طبق الحالة المتعلقة برفض المالك للتحديد لإعادة البناء.
وحيث نص الفصل الرابع من هذا القانون انه خلافا لمقتضيات الفصلين 791و792 من مجلة الالتزامات والعقود لا تنتهي اكرية المجلات الخاضعة لهذا القانون إلا بتنبيه بالخروج يقدم في اجل معين وهو ستة أشهر من قبل
وعند عدم التنبيه بالخروج يستمر التسويغ الذي حددت مدته بالتجديد الضمني إلى ما بعد الأجل المضبوط بالعقد من غير مدة معينة ويجب أن يكون التنبيه بالخروج في الأجل المنصوص عليه بالفقرة السالفة.
... وينبغي أن يقع ذلك الإعلام بواسطة عدل منفذ ويجب أن تبين الأسباب التي من اجلها وقع التنبيه بالخروج ويذكر عبارات الفصل 27 وإلا يقع إلغاؤه.
وحيث ينقضي عقد الكراء كغيره من العقود لأسباب عارضة عامة تتحقق قبل انقضاء المدة ودلك بالإبطال أو الفسخ أو اختلاط الذمة, ولكنه ينتهي أيضا باعتباره من العقود الزمنية وتنفك الرابطة القانونية بين الطرفين بانتهاء مدته وفق ما اقره صراحة الفصل 791 من م ا ع عندما نص على أن الكراء ينتهي بمجرد انتهاء مدته المشروطة  بين المتعاقدين ودون احتياج إلى تنبيه من احدهما على الآخر  ما لم يوجد بينهما شرط يقضي بالتنبيه. أما  إذا لم تعين مدة الكراء فقد جعل الفصل 792 من نفس المجلة على أنها هي التي وقع عليها التسعير. وبهذين النصين يصبح عقد الكراء في جميع الأحوال معين الأجل إما بتعيين المدة في العقد أو بآجال مقدار الكراء ولا لزوم في تلك الصورتين لوجود تنبيه إلا إذا كان هناك شرط في العقد يقضي بذلك.
وحيث خلافا لأحكام الفصلين 791و792 من م ا ع المشار إليهما فقد اوجب المشرع بالفصل 4 من القانون عدد 37 لسنة 1977 المتعلق بالاكرية التجارية على المالك الذي يريد تنهية عقد الكراء وإخراج المتسوغ وتجديد الكراء بشروط جديدة ضرورة توجيه تنبيه بالخروج إلى المتشوغ يقدم ستة أشهر من قبل, وينبغي أن يقع هذا التنبيه بواسطة عدل منفذ مع التسبيب والسرد الحرفي لعبارات الفصل 27 من نفس القانون.
وحيث اسند التنبيه موضوع قضية الحال على الفصل التاسع من القانون عدد 37 لسنة 1977 باعتبار ان رفض تجديد التسويغ سببه الهدم لإعادة البناء وهي حالة خاصة, تختلف عن صورة الفصل الرابع الموما إليه, نظمها المشرع بفصل وتحت عنوان مستقل بان ضبط سببه وقيده بشرط دفع غرامة حرمان محدد مقدارها سلفا وعلق أثره المتمثل في خروج المتسوغ من المكري المزمع تجديده ابتداء من الأشغال بصفة فعلية
وحيث يؤخذ مما تقدم أن قضية الحال لا يتعلق موضوعها باسترجاع المكري وقطع العلاقة التعاقدية بصفة نهائية, وإنما في تمكين مادي ووقتي من عقار ليتولى المالك تجديد بنائه ويبقى للمتسوغ بعد ذلك إمكانية ممارسة حق الأولوية بالصيغ والكيفيات التي وضعها القانون
وحيث طالما أن رفض التجديد يعد مؤقتا ومؤسسا على إرادة المالك في تحسين وضع بنائه, فان المشرع لم ينص على وجوبية السرد الحرفي لأحكام الفصل 27  بالتنبيه التجاري الموجه للمكتري, وهو لم يشترط ذلك إلا في حالات تنهية الكراء والاسترجاع النهائي حسب الفصول 4و13و16 وهي صور تتعلق بالامتناع المطلق من التجديد والتي كرس فيها المشرع وجوب حماية المكتري تبعا لما تفرزه من نتائج ثقيلة عليه بحرمانه كليا من حقوقه في الأصل التجاري الذي اكتسبه.
وحيث لما كانت الغاية من وجوبية التنصيص على أحكام الفصل 27 في بعض الحالات هي حماية المتسوغ وذلك إحاطته علما بالإجراءات التي يمكنه القيام بها لحماية حقوقه المدية وتمكينه من المنازعة في أسباب الامتناع عن التجديد أو رفض الشروط المعروضة أو المطالبة بغرامة الحرمان,  فان الأمر يطرح بشكل مغاير في صورة الهدم لإعادة البناء الذي هو حق مخول للمالك والذي لا يشرط سوى أن يدفع هذا الأخير للمتسوغ المحروم قبل خروجه منحة تساوي كراء أربعة أعوام كما يخول للمتسوغ البقاء بالمحل إلى ابتداء الأشغال بصفة فعلية وبالتالي فلا لزوم للتنصيص على عبارات الفصل 27 طالما ضبط المشرع حق الطرفين في صورة رفض التجديد لإعادة البناء بكل دقة.  
وحيث يتحصل مما تقدم, وطبقا لما انتهى إليه القرار المنتقد, أن التنصيص على أحكام الفصل 27 من قانون الاكرية التجارية المؤرخ في 25 ماي 1977 غير وجوبي في جميع الحالات, فلا يلزم القانون مالك المحل بالسرد الحرفي لنص الفصل 27 إلا في التنابيه الرامية إلى تنهية عقد التسويغ  وإخراج المكتري من مكتراه, أي في حالة الحرمان من التجديد أصلا, أما صورة الحال التي تأسست على أحكام الفصل 9 فان اشترط هذا الإجراء فيه تحميل لنص القانون معنى لا يقتضيه وخرق لأحكام الفصل 540 من م ا ع الذي ورد به أن ما به  قيد أو استثناء من القوانين العمومية أو غيرها لا يتجاوز القدر المحصور مدة وصورة. مما يجعل رأي محكمة القرار المنتقد معللا واقعا وقانونا واضحي المطعن المثار لا سند قانوني له وتعين رده والرفض أصلا.
ولهذه الأسباب
 قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكلا ورفضه أصلا وحجز معلوم الخطية المؤمن
وصدر هذا القرار عن الدوائر المجتمعة بتاريخ 9 نوفمبر 2017 برئاسة السيد الهادي القديري الرئيس الأول لمحكمة التعقيب.
وعضوية رؤساء الدوائر السادة...والمستشارين السادة... وبحضور السيد شكري التريكي مساعد وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب ومساعدة كاتبة الجلسة السيدة عفاف الحاجي.
                                                          وحرر بتاريخه
 
       
 

    

                                                           

هل يوجب قانون الأكرية التجارية التنصيص على عبارات الفصل 27 منه في التنبيه الموجه بغاية الخروج للهدم وإعادة البناء على معنى الفصل 9 من القانون؟  هل أن هذا الشرط الشكلي المنظم صلب الفصل 4 من القانون ينطبق أيضا على الحالة الخاصة المتمثلة في تنبيه الخروج للهدم وإعادة البناء ؟ هل ينطبق الفصل 4 فيما يخص ضرورة التنصيص على الفصل 27 على التنبيه الموجه على معتى الفصل 9 ؟ يكتسي الجواب عن هذا أهمية خاصة بالنظر إلى كون جزاء عدم التنصيص الحرفي للفصل المذكور هو إلغاء التنبيه عملا بالفصل 4 من قانون الأكرية. 

تلك هي المسألة التي تعرضت لها الدوائر المجتمعة في قرارها عـ18687ـدد المؤرخ في 9 نوفمبر 2017.

تمثلت وقائع القضية في قيام متسوّغ المحل المتكوّن به أصل تجاري أمام محكمة الناحية المختصة طالبا إبطال تنبيه وجهه له مالك الجدران على معنى الفصل 9 من القانون عـ37ـدد لسنة 1977 المؤرخ في 25 ماي 1977 وقضي ابتدائيّا ونهائيّا بعدم سماع دعوى الإبطال فتعقب المدّعي في الأصل ذلك الحكم طالبا النقض مع الإحالة استنادا لكون محضر التنبيه بالخروج لم يذكر عبارات الفصل 27 من القانون المذكور واكتفى بذكر عبارات الفصل 9 فقررت محكمة التعقيب صلب القرارعـ41865ـدد بتاريخ 23/11/2010 النقض مع الإحالة وأسست قضائها على أنّ " الأكرية التجاريّة لا تنتهي بحلول أجلها ونهاية مدّتها بل لا بدّ لإنهائها من تنبيه نص الفصل 4 من قانون 25 ماي 1977 على صيغه الشكلية وأوجبت فقرته الأخيرة السرد الحرفي لأحكام الفصل 27 من نفس القانون وبينت أن مخالفة ذلك يؤدّي إلى إلغاء التنبيه .." مما يجعل عدم التنصيص على عبارات الفصل 27 من قبيل الإخلال بإجراء أساسي على معنى الفصل 14 من م م م ت تثيره المحكمة من تلقاء نفسها.

اثر إعادة نشر القضية من طرف المدعي في الأصل أيدت محكمة الإحالة موقف محكمة التعقيب وقضت بنقض الحكم الابتدائي وإبطال محضر التنبيه لعدم تضمنه عبارات الفصل 27 من القانون عـ37ـدد لسنة 1977 مما دفع المدعى عليه في الأصل مالك الجدران إلى الطعن فيه بالتعقيب ثانية وقضت محكمة التعقيب هذه المرّة بالنقض والإحالة في قرارها عـ73630ـدد بتاريخ 22/11/2012 وكان قضائها مخالفا لما ذهبت إليه في المناسبة الأولى إذ اعتبرت أنّ التنصيص على عبارات الفصل 27 غير وجوبي في كل الحالات التي يرغب فيها المالك تنهية العلاقة التسويغية وإنما يقتصر ذلك على التنابيه المتعلقة بتجديد العلاقة الكرائية بشروط جديدة أو الامتناع من التجديد وهي غير صورة الحال التي تأسست على الفصل 9 من نفس القانون والتي لا تخضع لأحكام الفصل 27 مذكرة بالقاعدة العامة للقانون المضمنة بالفصل 540 من م ا ع الذي ينص على أنّ ما به قيد أو استثناء من القوانين العمومية أو غيرها لا يتجاوز القدر المحصور مدّة وصورة.

وعند نظرها في المسألة للمرة الثانية بوصفها محكمة إحالة قضت المحكمة الابتدائية بتونس 2 صلب قرارها عـ1529ـدد بتاريخ 6/6/2013 بإقرار الحكم الابتدائي القاضي بعدم سماع دعوى الإبطال بمقولة أن لا مصلحة من التنصيص صلب محضر التنبيه التجاري موضوع الفصل 9 من قانون الأكرية على الفصل 27 وهو ما جعل المدّعي في الأصل متسوغ المحل يطعن بالتعقيب في ذلك الحكم وأدى إلى إحالة القضية بطلب من الرئيس الأول لمحكمة التعقيب على الدوائر المجتمعة للنظر في المسألة القانونية محل الخلاف.


الفصل 4 من قانون الأكرية التجارية : "خلافا لمقتضيات الفصل 791 و792 من مجلة الالتزامات والعقود لا تنتهي أكرية المحلات الخاضعة لهذا القانون إلا بتنبيه بالخروج يقدّم في أجل معين وهو ستة اشهر من قبل
وعند عدم التنبيه بالخروج يستمر التسويغ الذي حددت مدّته بالتجديد الضمني إلأى ما بعد الأجل المضبوط بالعقد من غير مدّة معينة ويجب أن يكون التنبيه بالخروج في الأجل المنصوص عليه بالفقرة السابقة
وينبغي أن يقع الإعلام بواسطة عدل منفذ ويجب أن تبين الأسباب التي من أجلها وقع التنبيه بالخروج ويذكر عبارات الفصل 27 وإلا يقع إلغاؤه "

تمثلت بذلك المسألة الخلافية المطروحة أمام الدوائر المجتمعة لتوحيد الرأي فيها في ما يلي:
هل أنّ التنبيه التجاري الموجه للهدم وإعادة البناء على معنى الفصل 9 من القانون عـ37ـدد المؤرخ في 25/05/1977 يقتضي التنصيص على عبارات الفصل 27 من القانون أم أنه يمكن في هذه الحالة تجاوز مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 4 من القانون وعدم ذكر عبارات الفصل 27 دون أن يقع التنبيه تحت طائلة الإلغاء؟


كان على الدوائر المجتمعة الحسم بين موقفين متناقضين أل إليهما المسار القضائي لهذا التنبيه الموجّه على معنى الفصل 9 من قانون الأكرية صدر الموقف الأول بتاريخ 23/11/2010 في القضية التعقيبية عـ41865ـدد واقتضى ضرورة التنصيص الحرفي على الفصل 27 وصدر الموقف الثاني بتاريخ 22/11/2012 في القضية التعقيبية عـ73630ـدد واقتضى أن ذكر عبارات الفصل 27 في حالة رفض المالك للتجديد للهدم وإعادة البناء غير ضروري ولا يلغي ذلك التنبيه.

اعتبرت الدوائر المجتمعة أنّ رفض تجديد التسويغ للهدم وإعادة البناء يعدّ "صورة خاصّة تختلف عن صورة الفصل 4 من قانون الأكرية" نظمها المشرع بفصل وتحت عنوان مستقل وهي " لا يتعلق موضوعها باسترجاع المكرى وقطع العلاقة التعاقدية بصفة نهائية وإتما في تمكين مادّي ووقتي من عقّار لبتولى المالك تجديد بنائه ويبقى للمتسوغ بعد ذلك إمكانية ممارسة حق الأولوية بالصيغ والكيفيات التي وضعها القانون" واعتبرت أن المشرع لم ينصّ على وجوبية السرد الحرفي لأحكام الفصل 27 بالتنبيه التجاري الموجه للمكتري ولم يشترط ذلك إلا في حالات تنهية الكراء والاسترجاع النهائي حسب الفصول 4 و 13 و 16 وهي صور تتعلق بالامتناع المطلق من التجديد وأنّ الغاية من التنصيص الحرفي هي إحاطة المتسوّغ علما يالإجراءات التي يمكن القيام بها لحماية حقوقه المدنية وتمكينه من المنازعة في أسباب الامتناع عن لتجديد أو رفض الشروط المعروضة أو المطالبة بغرامة الحرمان ولا لزوم لذلك التنصيص بالنسبة للتنبيه بغاية الخروج للهدم وإعادة البناء طالما ضبط المشرع حق الطرفين في صورة رفض التجديد لإعادة البناء بكل دقة.

وخلصت الدوائر المجتمعة بذلك إلى أن اشتراط التنصيص الحرفي للفصل 27 في تنبيه الخروج على معنى الفصل 9 من قانون الأكرية التجارية فيه تحميل لنص القانون معنى لا يقتضيه وخرق لأحكام الفصل 540 من م ا ع..