dimanche 24 février 2019

تقدير مكافأة نهاية الخدمة في صورة الطرد لأسباب اقتصادية، تعقيبي عـ2276ـدد في 22-09-2000

القرار التعقيبي المدني عـ2276ـدد مؤرخ في 22 سبتمبر 2000
أصدرت محكمة التعقيب القرار التالي :
بعد الاطلاع على مطلب التعقيب المقدم |إلى كتابة المحكمة في 20 أفريل 2000 من طرف الأستاذ سامي العش في حق موكله زهير ضد الشؤكة الحديثة للمطاط والأحذية في ش. م.ق نائبها الأستاذ المكّي الجزيري
طعنا في الحكم الشغلي عـ556ـدد الصادر في 24/2/2000 عن المحكمة الابتدائية بصفاقس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل التابعة لها والقاضي بقبول الاستئناف شكلا كقبوله من هذه الناحية في القضية عـ611ـدد وفي الأصل بغقرار الحكم الابتدائي مع تعديله وذلك بالحطّ من مبلغ مكافأة نهاية الخدمة إلى ما قدره ألف ومائة وثلاثة وتسعون دينارا ومليـــ385ــمات
وبعد الاطلاع على مستندات التعقيب وعلى جميع الإجراءات والوثائق التي يوجب الفصل 185 من م. م. م. ت تقديمها.
وبعد الاطلاع على تقرير الردّ المقدّم في الاجل القانوني من طرف الأستاذ الجزيري
وبعد الإطلاع على ملحوظات النيابة العمومية والاستماع إلى شرح ممثلها بالجلسة.
وبعد الاطلاع على أوراق الملف والمداولة طبق القانون صرّح بما يلي :
من حيث الشكل
حيث استوفى مطلب التعقيب جميع شروطه وصيغه القانونية ولذلك فهو حري بالقبول شكلا
من حيث الأصل :
حيث تفيد وقائع القضيّة كما يثبته الحكم المطعون فيه والوثائق التي انبنى عليها قيام نائب المعقب ضدها لدى دائرة الشغل عارضا أن منولته تعرضت لصعوبات اقتصادية لدى دائرة الشغل عارضا أنّ منولته تعرضت لصعوبات اقتصاديّة استحال معها مواصلة نشاطها وقد اتبعت الإجراءات القانونية وفق الفصل 21 جديد من م.ش وقد أصدرت اللجنة الجهوية لمراقبة الطرد المنعقدة بتاريخ 09/07/1998 قرارها بالترخيص لمنوبه وإعفاء كافّة عملتها بما فيهم المعقّب وقد اقترحت في المقابل تمكين كل عامل من منحة الإعلام بالطرد قدرها شهر مع مكافأة نهاية الخدمة تحتسب على أساس شهر عن كل سنة أقدميّة وتنفيل ب10 بالمائة على ألا يتجاوز المبلغ الجملي لهذه المنحة 11 ألف دينارا وأنّ منوبته أبدت منذ البداية معارضتها في خصوص كيفية احتساب منحة مكافأة نهاية الخدمة التي كانت مشطة ومخالفة لأحكام م.ش لكون الفصل 22 قد اقتضى ألأ تتجاوز ثلاثة أشهر وأنه عملا بذلك فإن المعقب يستحق 500د362 كمنحة إعلام بالطرد و 500د1087 لقاء مكافأة نهاية الخدمة وبعد إتمام الإجراءات أصدرت الدائرة المذكورة حكما يقضي بعدم سماع الدعوى الأصلية وقبول الدعوى المعارضة شكلا وأصلا وإلزام المدعية في ش. م. ق بأن تؤدّي للمدّعى عليه ثلاثمائة وسبعة وتسعين دينارا ومليــ795ـمات لقاء منحة الإعلام بإنهاء العمل  و 000د11000 لقاء مكافأة نهاية الخدمة ومائة وخمسين دينارا لقاء الأتعاب وأجرة المحاماة ورفض الدعوى المعارضة في ما زاد على ذلك والإذن بتسجيل هذا الحكم مجانا بناء على ثبوت الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها المؤسسة كثبوت أن القرار الصادر عن اللجنة الجهوية لمراقبة الطرد قد اتخذ طبق القانون.
فاستأنفته المحكوم ضدها لدى المحكمة الابتدائية بصفاقس التي أصدؤت حكمها السالف تضمين نصّه اعتمادا على أن الفصل 21-10 من م. ش قد أحال إلى أحكام الفصل 22 من م. ش عند ضبطه هذه المكافأة وتكون مكافأة نهاية الخدمة المشار إليها بالفصل 21-10 هي عين المكافأة الواردة بها الفصل 22 من م.ش وأن التمييز بينهما لا يستند إلى أي اساس قانوني.
فتعقبه الطاعن بواسطة محاميه ناسبا إليه :
أولا : خرق الفصل 21-10 وسوء تطبيق الفصل 22 من م.ش:
بمقولة أن الفصل 21-10 من م.ش أقر لفائدة العامل المطرود تنيجة للطرد لأسباب اقتصادية حق الانتفاع بمنحة يطلق عليها مكافأة نهاية الخدمة التي تمثل تعويضا عن فقدان العمل ولها بالتالي صبغة تعويضية وهو ما أجمع عليه فقه القضاء وفقع القانون دون أن تمثل غرما نتيجة التعسف في استعمال حق الفسخ من جانب واحد من طرف المؤجّر وقد أقر ذلك التعويض حسب أدميّة العامل وسنه ووضعيّته الاجتماعية وحظوظه في وجود موطن شغل آخر وبالتالي أعطى للجنة الطرد حق تقدير تلك المنحة واقتراح القيمة العادلة على الطرفين  ومحاولة التوفيق بين الطرفين بصريح الفصل21-10 من م.ش وما دام مبلغ المكافأة يقدّم باقتراح من اللجنة ويحق التوفيق في مقداره فإنه لا يخضع حتما ومنطقا إلى طريقة الاحتساب التي وضعها المشرع بالفصل 22 من م.ش ضرورة أن تلك الطريقة ثابتة وموضوعيّة لا تحتمل لا الزيادة ولا النقصان في النتيجة اعتبارا لكون المشرّع ضبطها بقيمة أجر يوم عن كل شهر عمل مع اعتبار الأقصى قيمة أجر ثلاثة أشهر وعليه فإن نطاق تطبيق الفصل 22 من م.ش يختلف تماما عن نطاق تطبيق الفصل 21-10من م.ش وقد ورد بهذا الفصل بالأخص أن للطرفين حق اللجوء إلى المحاكم المختصة ويعني ذلك حق الطعن لا في مبدأ الطرد فقط وإنّما كذلك في قيمة المكافأ المقترحة من اللجنة وأن حق الطعن يعني بأنه للمحكمة أن تضبط قيمة المكافأة حسب عناصر وظروف الطرد ووضعية المؤسسة ولا بالتحديد طبقا للطريقة الواردة بالفصل 22 من م.ش ولأن الحكم المطعون فيه لما قضى بما وقعت الإشارة إليه آنفا قد خرق وأساء تطبيق الفصل 21-10 و22 من م.ش
ثانيا ضعف التعليل وهضم حقوق الدفاع :
بمقولة أن منوبه قام بدعوى معارضة وطلب بالاعتماد على شهادات خطية سماع البينة وإجراء بحث ميداني بواسطة تفقدية الشغل بقصد التأكد من أن المعقب ضدها واصلت نشاطها واستخدمت عديد العملة من بينهم البعض من العملة المطرودين لأسباب اقتصادية نفسهم وتبعا لذلك اعتباره متعرضا للطرد التعسفي إلا أن محكمتي الأصل اعتبرتا أن الطرد لأسباب اقتصادية ثابت وجدّي بالرجوع فقط إلى رأي اللجنة  والحال أن رأي اللجنة قابل للنقاش  والطعن لدى المحكمة المختصة خاصة أن المعقب ضدها لم تقدّم اية وثيقة تؤيد طلب الطرد مما يجعل طلبها مجرد وغير وجيه وأن الحكم المطعون فيه لا يتضمن أية إشارة إلى دفوعات منوبه ولا إلى طلباته مما يجعل قضاءه هاضما لحقوق الدفاع ومتصفا بضعف التعليل وطلب النقض والإحالة.
المحكمة
عن المطعن الأوّل :
حيث أن مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالفصل 21-10 من م.ش هي تعويض للعامل عن إعفائه من العمل من طرف مؤجره اثر مرور الأخير بصعوبة اقتصادية حتمت التوقف عن العمل.
وحيث أنّ المكافأة التي تعرض لها المشرّع صلب الفصل 21-10 تختلف عن مكافأة نهاية الخدمة التي جاء بها الفصل 22 من نفس المجلة ذلك أن هذه الأخيرة تكون في اطار التعويض العادي للعامل عند طرده وهي تأتي مع جملة التعويضات في حين أن المكافأة الواردة بالفصل 21-10 هي منحة خاصة بالعملة الواقع الاستغناء عن خدماتهم نتيجة الصعوبات الاقتصاديّة التي تتعرض لها المؤسسة وتمثل التعويض الوحيد لهؤلاء العمال
وحيث أن طريقة احتساب هذه المنحة هي غير الطريقة الواردة بالفصل 22 من م.ش الذي يتعلق بمكافأة مضبوطة بموجب القانون وتخضع لعناصر تقدير مضبوطة ولها سقف معين ولا تقبل الاجتهاد إلا في حدود تلك العناصر في حين أن تقدير مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالفصل 21-10 لم يقع تحديده بعناصر موضوعية يبقى خاضعا لاتفاق الطرفين واجتهاد اللجنة.
وحيث أن الفصل 21-10 من م.ش ولئن لم يخوّل بصفة صريحة لجنة مراقبة الطرد حق تقدير المكافأة إلا أنه منحها حق إبداء الرأي في خصوصها ويفهم من ذلك أن تحديد مبلغ المكافأة يكون بالتفاوض بين الطرفين تحت إشراف اللجنة وفي صورة اتفاق الطرفين فإنّ اللجنة تقسم ذلك الاتفاق بتحرير محضر في الغرض تكون له القوت التنفيذية بين الطرفين حسب الفصل 21-11 من م.ش أما في صورة عدم الاتفاق فإن الموضوع يعرض على النقاش من طرف أعضاء اللجنة ويتخذ القرار المتعلق بتحديد مبلغ المكافأة بالأغلبية حسب الفصل 21-6 من م.ش ويحتفظ كل طرف بحل اللجوء إلى المحكمة المختصة حسب الفصل 21-11 من م.ش
وحيث أن المنحى الذي انتهجته محكمة الحكم المطعون فيه على اعتبار أنّ تقدير مكافأة نهاية الخدمة في صورة الإعفاء لأسباب اقتصاديّة يكون بالاعتماد على عناصر التفدير الواردة بالفصل 22 من م.ش لكون الفصلين 21 و22 من م.ش تضمنا نفس التسمية للمنحة مستعملين عبارة مكافأة نهاية الخدمة وطالما كانت التسمية واحدة فإن التقدير يكون بالاعتماد على العناصر الواردة بالفصل 22 من م.ش في غياب عناصر تقدير أخرى خاصة ضبطها المشرّع وبالتالي فلا مجال للتفريق بينها دون البحث في الغاية التي أقرت من أجلها كل منحة من شانه أن يفرع الفصل 21-10 من جزء من مضمونه إذ ما جدوى تدخل لجنة مراقبة الطرد في تجديد مبلغ المكافأة وما الغاية من التجاء الطرف الغير الموافق على التقدير إلى المحكمة المختصة طالما أن مبلغ المكافأة محدّد مسبقا حسب العناصر الواردة بالفصل 22 من م.ش
وحيث أن الحكم المطعون فيه والحالة تلك يكون قد خرق القانون وأساء تطبيقه واتجه نقضه
عن المطعن الثاني :
حيث إن مسألة وجود العقوبة الاقتصادية من عدمه قد تم حسمه من اللجنة الجهوية لمراقبة الطرد بعد قيامها بالتحريات والأبحاث اللازمة وبالتالي فإنّ الطلب الرامي إلى إجراء بحث ميداني بواسطة تفقدية الشغل حول هذه النقطة لا جدوى من ورائه طالما أن المتفقد الجهوي للشغل هو من بين أعضاء لجنة مراقبة الطرد ودوره في اتخاذ القرار النهائي لا يخفى على أحد واتجه تبعا لذلك ردّ هذا المطعن
ولهذه الاسباب
قررت المحكمة قبول مطلب التعقيب شكلا وأصلا ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضيّة على المحكمة الابتدائية بصفاقس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل التابعة لها لإعادة النظر فيها بهيئة أخرى.
وصدر هذا القرار بحجرة الشورى يوم الاربعاء 27 سبتمبر2000 عن الدائرة المدنيّة السادسة المتركبة من رئيسها السيد فرج العبيدي وعضوية المستشارين السيد اسماعيل ورير والشريف الشنيتي وبحضور المدّعي العمومي السيدة سميرة القابسي وبمساعدة كاتبة الجلسة السيد صلاح الجنادي
وحرر في تاريخه

يمكن تعريف مكافأة نهاية الخدمة بأنها المبلغ الذي يسند للعامل المرتبط بعقد عمل غير محدّد المدّة عند وضع حدّ للعقد بصورة نهائيّة بموجب الطرد وفي غياب هفوة فادحة من العامل.
وقد وردت مكافأة نهاية الخدمة بمجلة الشغل في حالتين وهي أولا حالة الطرد التعسفي من طرف المؤجر وثانيا حالة الطرد لأسباب اقتصادية.

تعلّق هذا القرار الصادر عن محكمة التعقيب بتاريخ 13 ديسمبر 2000 بطريقة احتساب مبلغ مكافأة نهاية الخدمة في صورة الطرد الواقع في الحالة الثانية أي الطرد لأسباب اقتصادية.

تمثلت الوقائع في انعقاد اللجنة الجهويّة لمراقبة الطرد وإقرارها بضرورة إعفاء العملة بالمؤسسة وإسناد مكافأة نهاية خدمة قدرها 11000 دينارا وهو ما عارضه المؤجّر وأدى به للقيام أمام الدائرة الشغليّة بمقولة أن احتساب مكافأة نهاية الخدمة كان غير قانوني لأنه خالف أحكام الفصل 22 من مجلة الشغل التي تفترض أن لا تتجاوز المكافأة في كل الحالات 3 أشهر عمل.

قضت المحكمة ابتدائيّا بعدم سماع دعوى المؤجّر وإقرار مبلغ مكافاة نهاية الخدمة المعتمد من طرف لجنة مراقبة الطرد بناء على ثبوت الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها المؤسسة وهو ما أدّى بالمؤجر إلى الطعن بالاستئناف في الحكم المذكور بناء على أن الفصل 22 من مجلة الشغل هو الذي يحدّد طريقة احتساب مكافأة نهاية الخدمة ولا مجال لتمييز حالة الطرد لأسباب اقتصادية بطريقة احتساب مختلفة وهو طعن تم قبوله شكلا من طرف المحكمة الابتدائية بصفاقس بوصفها محكمة استئناف لأحكام دوائر الشغل التابعة لها مع تعديل الحكم وذلك بالحط من مبلغ مكافأة نهاية الخدمة غلى الحدود المضبوطة بالفصل 22 من مجلة الشغل.

تعهّدت محكمة التعقيب بالموضوع بناء على تعقيب الأجير الذي تم الحط من مبلغ مكافأة نهاية الخدمة المسندة إليه اعتمادا على الفصل 22 من مجلة الشغل وتمثل المطعن الرئيسي في أن مكافأة نهاية الخدمة المسندة بموجب توقف المؤسسة لأسباب اقتصادية تختلف في طريقة احتسابها عن تلك المسندة عند الطرد التعسفي لكون الأولى ذات صبغة تعويضية صرفة في حين الثانية تمثل غرم ضرر عن فسخ العقد من جانب المؤجر ولكون الأولى تمر حتما بقرار لجنة الطرد واقتراحها وهي خاضعة لاتفاق الطرفين في حين أن الثانية تخضع لمعايير موضوعيّة وثابتة مضبوطة من المشرّع لا يمكن أن تتجاوز ثلاثة أشهر.

تمثل الإشكال القانوني المطروح أمام محكمة التعقيب في معرفة طريقة احتساب مكافأة نهاية الخدمة في صورة الطرد لأسباب اقتصادية وفنية؟ هل يكون ذلك اعتمادا على المعاير المضبوطة بالفصل 22 من مجلة الشغل أم لا ؟

الفصل 22 من مجلة الشغل : "كل عامل مرتبط بعقد لمدّة غير معينة وقع طرده بعد انقضاء فترة التجربة يستحق فيما عدا صورة الخطأ الفادح مكافأة نهاية الخدمة تقدّر بأجر يوم عمل عن كل شهر عمل فعلي في نفس المؤسسة وذلك على أساس الأجر الذي يتقاضاه العامل عند الطرد مع مراعاة جميع الامتيازات التي ليست لها صبغة إرجاع مصاريف.

ولا يمكن أن تفوق هذه المكافأة أجر ثلاثة أشهر مهما كانت مدّة العمل الفعلي إلا في صورة وجود شروط أحسن جاء بها القانون أو الاتفاقيات المشتركة أو الخاصّة"

الفصل 21-10 من مجلة الشغل  (في إطار الطرد لأسباب اقتصادية) :
 "في صورة قبول طلب الطرد تبدي اللجنة رأيها في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل وتسعى للتوفيق بين الطرفين المعنيين حول مبلغ المكافأة وللقيام بدفعها حالا كما تدرس إمكانية تشغيل العملة المطرودين في مؤسسات أخرى"

ذهبت محكمة التعقيب في هذا القرار إلى الجواب بالنفي إذ اعتبرت أنّ احتساب مكافأة نهاية الخدمة في صورة الطرد لأسباب اقتصادية وفنيّة لا يخضع لمعايير الفصل 22 من مجلة الشغل وهي بذلك لم ترتّب أي أثر لوحدة التسمية في مجلة الشغل و اعتبرت أنّ الأمر يتعلق بمؤسستين لا تتحدان بصورة تامّة في الغاية القانونية و استدلت على ذلك أيضا بالاختلاف في الإجراءات القانونية.

وحدة التسمية لا تعني وحدة النظام القانوني :

 التسمية الواحدة في الفصلين 22 و21-10 من مجلة الشغل لم تجعل المحكمة تذهب في اتجاه وحدة عناصر التقدير أي أجرة يوم عن كل شهر عمل فعلي في المؤسسة بسق أقصى لا يتجاوز ثلاث اشهر.

والملاحظ في هذا الإطار أن توحيد التسمية هو نتاج التسلسل التاريخي لتنقيح مجلة الشغل في تسعينيات القرن الماضي حيث صدر في مرحلة أولى القانون عـ29ـدد لسنة 1994 المؤرخ في 21 فيفري 1994 و تحولت عبارة " منحة الطرد " بالفصل 22 من مجلة الشغل إلى "مكافأة نهاية الخدمة" ثم وبموجب التنقيح المؤرخ في 15 جويلية 1996 بمقتضى القانون عـ62ـدد لسنة 1996  حلّت عبارة " مكافأة نهاية الخدمة "مكان عبارة"غرامة الإعفاء" المنصوص عليها بالفصل 394 من المجلة الواقع والذي وقع إلغاءه وتعويض أحكامه بالفصل 21-10 وقد كان الفصل 394 قديم الملغى بموجب القانون عـ62ـدد لسنة 1996  ينص على ما يلي" تبدي اللجنة رأيها في غرامة الإعفاء الواجب منحها عملا بالاتفاقيات المشتركة أو عقد الشغل الشخصيّة أو العادات" وأصبح الفصل 21-10 ينصّ على أن"...اللجنة تبدي رأيها في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل..."

قد يكون من الجائز القول أنّ توحيد التسمية والتنصيص بوضوح صلب تنقيح 1996 بعد إلغاء الفصل 394 على عبارة "مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل" يعني منطقا وحدة احتساب مقدار المكافأة في الحالتين ضرورة أن المشرّع حين يطلق نفس العبارة على مؤسسة معينة فإنّه يعني ضرورة نفس المؤسسة القانونية ونفس النظام القانوني.
لم يكن هذا هو اتجاه محكمة التعقيب التي لم ترتب أية نتيجة عن مسألة التسمية الموحّدة وخيرت اعتماد منهج آخر يعتمد الاختلاف في الأساس القانوني والاختلاف في الإجراءات  لينتهي إلى ضرورة تمييز حالة الطرد لأسباب اقتصادية بتقديرات مختلفة فيما يتعلق بالمكافأة.

اختلاف الغاية من مكافأة نهاية الخدمة في الحالتين :

اعتبرت المحكمة أنّ المكافأة في صورة الطرد التعسفي تندرج في إطار التعويض العادي للعمل مع جملة من التعويضات الأخرى في حين أنها تكون التعويض الوحيد للعملة عند الاستغناء عن خدماتهم لأسباب اقتصاديّة وهو ما يجعلها مختلفة من حيث أساسها والغاية منها.

ولعلّ المحكمة حين تشير إلى أنها "التعويض الوحيد للعامل" تريد تبرير إمكانية تجاوز المكافأة للسقف المضبوط بالفصل 22 من مجلة الشغل المحدّد بثلاث أشهر. إلا أن المسألة قد تحتاج إلى أكثر من هذا التحليل المقتضب ضرورة أنّه لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أن الأمر يتعلّق بعامل أعفي لأسباب اقتصاديّة لمرور المؤسسة بصعوبات وهي وجهة نظر قد تؤدّي إلى نتائج مخالفة تماما إذ كيف يمكن التسليم بأن المؤسسة التي مرت بصعوبات اقتصادية عليها أن تدفع مكافأة مقدراها أكثر من المكافأة التي تدفعها مؤسسة لا تمر بأية صعوبة.

و فضلا عن ذلك فإنّ الأمر عـ1926 لسنة 1997 نص بوضوح على المبالغ التي تتكفل الدولة بتمكين العامل منها في صورة عجز المؤسسة عن دفعها وتمت الإشارة صلبه إلى " مبلغ مكافأة نهاية الخدمة في حدود المبالغ المضبوطة طبقا لأحكام مجلة الشغل أو العقود المشتركة".

 الأمر عـ1926ـدد لسنة 1997 المتعلق بضبط شروط وأساليب التكفل بمنحة المغادرة لأسباب اقتصادية أوفنية تؤدّي إلى نفس المعنى حيث ينص الفصل 4 من هذا الأمر المؤرخ في 29 سبتمبر 1997 على ما يلي :
" يشمل التكلف بمنحة المغادرة لأسباب اقتصادية أو فنية المبلغ المستحق بصفة قانونية لفائدة العمّال المشار إليهم ويتكون المبلغ المشار إليه من العناصر التالية :
-         الأجور وتوابعها التي لم يقع دفعها
-         الرخص خالصة الأجر التي لم يقع دفعها
-         منحة الإعلام بالطرد
-         مبلغ مكافأة نهاية الخدمة في حدود المبالغ المضبوطة طبقا لأحكام مجلة الشغل أو العقود المشتركة.


الجدوى من اختلاف الإجراءات القانونية للحالتين:

أسست المحكمة قضاءها على مقولة أن إجراءات الفصل 21-10 مختلفة وأنها تتأسس على اقتراح من طرف لجنة الطرد ولا تتعهد المحكمة المختصة بالنظر إلا في صورة خلاف  ووجود طرف غير موافق واستنتجت من ذلك أنّه إذا كان مبلغ المكافأة محدّد مسبقا حسب عناصر الفصل 22 من مجلة الشغل فإنّ هذه الإجراءات تصبح دون جدوى.

ويمكن الردّ على هذه الحجّة بأنّ الاختلاف بين الحالتين يتعلق بمدى وجود حدّ أقصى لمكافأة نهاية الخدمة وهو ما يعني أن الإجراءات المذكورة لا تفقد جدواها طالما أنّ المسألة تتعلق بتقديرات يمكن الاختلاف بشأنها حتى داخل هذه الحدود المضبوطة بالفصل 22 من مجلة الشغل وفي كل الحالات فلا شيء يمنع اللجنة الجهوية لمراقبة الطرد من احترام الفصل 22 من م.ش سيما وأن تقدير قيمة المكافأة ليست المهمة الوحيدة التي تضطلع بها اللجنة ولعل مهمتها الأولى كما ورد بالقرار نفسه هي القيام بالتحريات والأعمال اللازمة لمعاينة وجود الصعوبة الاقتصادية ممّا يدفع للقول بأن الجدوى من هذه الإجراءات تبقى موجودة حتى عند تقدير مبلغ المكافأة وفقا لمعايير الفصل 22 من مجلة الشغل.

Aucun commentaire: