mardi 30 octobre 2012

فترة المراقبة : توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير


ينص الفصل 32 من القانون عــ34ــدد لسنة 1995 المؤرخ في 17 أفريل 1995 المتعلّق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصاديّة كما وقع تنقيحه بالقانون عـ63ـــدد لسنة 2003 المؤرخ في 29 ديسمبر 2003 من القانون المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية على ما يلي: " يتعطل خلال فترة المراقبة كل تتبع فردي أو عمل تنفيذي يرمي إلى استخلاص ديون سابقة لفترة المراقبة أو إلى استرجاع منقولات أو عقارات بسبب عدم أداء دين، ويتوقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير..."
بمقتضى أحكام  هذا النص تكون غير منتجة لفوائض أو غرامات تأخيرالديون السابقة لفترة المراقبة  وينحصر، تبعا لذلك، مقدار المال الذي يعمر ذمة المؤسسة في حدود أصل الدين إضافة إلى ما قد يكون أنتجه من فوائض أو غرامات تأخير إلى حدود تاريخ فتح فترة المراقبة.
ويعد توقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير خروجا عن القواعد العامة المنضمة صلب النظرية العامة للالتزامات وتحديدا تلك التي تنضم المسؤولية العقدية صلب مجلة الالتزامات والعقود والتي ترتب جزاء غرم الخسارة في حالة عدم الوفاء بالالتزامات إما وفقا للبنود المشترطة صلب العقد أو باحتساب الفائض القانوني المستوجب بالنسبة الالتزامات الخاصة بمقدار مالي معين. [1] خلافا لما هو معهود في الأحكام العامة للالتزامات يتم، بموجب الأحكام الاستثنائية لقانون إنقاذ المؤسسات، تجميد الأثر القانوني العادي لوجود الدين وهو ترتيب الفوائض وغرامات التأخير عند عدم وفاء المدين ويكون ذلك بمجرد افتتاح إجراءات التسوية القضائية وفترة المراقبة.



والهدف من وضع القاعدة الاستثنائية هو أولا هدف تنضيمي يتعلق بضرورة تحديد ديون المؤسسة من حيث المقدار وحصرها في مبلغ  لتسهل تسوية وضعيتها وثانيا هدف يتعلق بالغاية الأساسية من القانون وهو إنقاذ المؤسسة بتخفيف عبئ المديونية عنها ومنع تفاقم مقدار ديونها.[2] وللتطرق بأكثر دقة لهذه القاعدة الاستثنائية يتعين النظر في ميدان تطبيقها فقرة أولى تم آثارها فقرة ثانية .

الفقرة الأولى  : مجال قاعدة توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير

لئن كانت قاعدة توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير تتعلق حصرا بالديون السابقة لفترة المراقبة، فإن عمومية العبارات المستعملة صلب الفصل 32 تؤدي إلى القول بأن القاعدة تكتسي طابعا شموليا سواء عند النظر في الدين موضوع توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير أو عند النظر في طبيعة الفوائض المقصودة بالقاعدة.
لم يميز المشرع بين أنواع الديون عند التنصيص على القاعدة صلب الفصل 32 بما يجعل هذا النص يتعلق بجميع أنواع الديون مهما كان موضوعها وسواء كانت الديون عادية أو ممتازة. يتوقف سريان الفوائض وغرامات التأخير على الديون جميعها بشرط أن تكون نشأت قبل فتح فترة المراقبة ولم يتبنى المشرع التونسي الاستثناءات التي وردت في التشريع الفرنسي والتي تعلقت بالديون الناشئة عن عقود القروض المبرمة لمدة تساوي أو تزيد عن عام وتلك الناشئة عن العقود متضمنة شرط دفع مؤجل لمدة عام أو أكثر[3] تشجيعا للقروض البنكية ذات المدى القصير والمتوسط وللمزودين الذين قبلوا بالخلاص المؤجل.[4]
أما بخصوص الفوائض فالملاحظ في البداية أن الفصل 32 ينحصر مجال تطبيقه في الفوائض التي قد تنشأ عن الدين منذ تاريخ فترة المراقبة أما الفوائض التي قد تكون نشأت قبل ذلك التاريخ وغرامات التأخير التي قد تكون تسلطت من قبل سواء قبل تقديم مطلب التسوية القضائية أو في الفترة الفاصلة بين تقديمه وبين فتح فترة المراقبة فتبقى معتمدة إلى جانب أصل الدين وتحتسب ضمن المبلغ الجملي المثقل على كاهل المؤسسة والذي يتعين إيجاد حل له في إطار برنامج الإنقاذ.
ولم يميز المشرع بين أنواع الفوائض موضوع قاعدة الفصل 32 ويمكن أن تكون الفوائض الاتفاقية كتلك التي تدرج بعقود القرض أو الفوائض القانونية التي قد تحتسب بالنسبة المدنية أو التجارية. [5]

الفقرة الثانية :  آثار قاعدة توقف سريان الوائض وغرامات التأخير

 يمكن التمييز بين آثارها بالنسبة للعلاقة بين الدائن والمؤسسة وآثارها بالنسبة للعلاقة بين الدائن والضامن.
أما بالنسبة للعلاقة بين الدائن والمؤسسة، فلئن كانت رغبة المشرع في سن هذه القاعدة تهدف أساسا إلى تخفيف عبئ المديونية عن المؤسسة بعدم تثقيل الفوائض المترتبة عن الدين أثناء فترة المراقبة فإن التساؤل يبقي مطروحا بخصوص المقصود من عبارة "يتوقف" هل أن توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير يعني توقف نهائي أو وقتي؟ 
وردت القاعدة صلب الفصل 32 وفي إطار تنظيم فترة المراقبة وهو ما قد يوحي أن أثرها ينحصر في هذه الفترة، كما استعمل المشرع صلب الصياغة الفرنسية للقانون عبارة " تعليق " التي تختلف عن " التوقف" في كونها توحي بعودة الفوائض للسريان في مرحلة لاحقة[6]                                                        
إلا أن جريان عمل المحاكم قد اتجه نحو اعتماد فوائض بالنسبة العادية، نسبة السوق المالية زائد نقطة واحدة، في حالة وجود برنامج مواصلة نشاط المؤسسة بعد فترة المراقبة بحيث أن عدم دفع قسط من دين موضوع برنامج إنقاذ يرتب الفوائض القانونية الطبيعية.[7] كما اعتبرت المحاكم الفرنسية عند تطبيقها لنفس القاعدة أنه رغم وجود عبارات الفصل 55 من قانون 25 جانفي 1985 ضمن الباب المتعلق بفترة المراقبة فإن التوقف يعتبر نهائيا ولا يمثل مجرد تعليق لسريان الفوائض.[8]
و هذا الحل يعد متناغما مع النظام القانوني للديون صلب قانون التسوية القضائية ضرورة أن الفوائض التي حلت أثناء فترة المراقبة هي حتما ديون لم يتم تقييدها صلب ديون المؤسسة لحلولها في تلك الفترة بما يجعل المطالبة بها أو اعتمادها صلب برنامج الإنقاذ أمرا غير ممكنا. ومن جهة أخرى، فان حلول الفوائض أثناء فترة المراقبة لا يجعل منها ديون جديدة تتمتع بامتياز الفصل 34 في الدفع لأنها تبقى مبالغ تابعة لأصل الدين الذي حل قبل فترة المراقبة وتخضع لقاعدة الفرع يتبع الأصل[9].
أما بالنسبة لوضعية الكفيل أو المدين المتضامن فالسؤال الذي يطرح يتعلق بمدى تمتعهم بامتياز توقف سريان الفوائض وغرامات التأخيرموضوع صلب الفصل 32 من القانون؟
لا نجد جوابا صريحا من المشرع في هذا المضمار واكتفت الفقرة الثانية من الفصل المذكور بتحديد الموقف بخصوص مسألة تمتع الكفيل بقاعدة توقف إجراءات التتبع والتنفيذ في حين لازم المشرع الصمت بخصوص توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير.
والجواب عن هذا السؤال لا يخرج في كل الحالات عن توجهين. ينطلق التوجه الأول من الطبيعة التبعية لالتزام الكفيل ليخلص إلى أن هذا الأخير يتمتع بتوقف سريان الفوائض و غرامات التأخير فالتزام الكفيل لا يمكن أن يفوق التزام المدين الأصلي. ويستند التوجه الثاني إلى الهدف الأساسي الذي وجد من أجله التزام الكفيل، ألا وهو حماية الدائن في حالة عدم وفاء المدين، ليخلص إلى القول بعدم تمتع الكفيل بتوقف سريان الفوائض وغرامات التأخير حماية للدائن وتماشيا مع الهدف من مؤسسة الكفالة.
ولقد استقر فقه القضاء الفرنسي في مرحلة معينة على اعتبار أن الكفيل يتمتع بقاعدة توقف سريان الفوائض وغرامات التأخير استنادا إلى الطبيعة التبعية لالتزامه وإلى أحكام الفصل 2013 من المجلة المدنية[10]. إلا أن المشرع الفرنسي تدخل مغلبا التوجه المغاير واعتبر أن الكفيل و المدين المتضامن لا يمكنهما التمتع بتوقف سريان الفوائض  وكان ذلك منذ القانون عـ94ـ475ـدد في 10 جوان 1994 المتعلق بوقاية ومعالجة صعوبات المؤسسات[11]وهو خيار تشريعي يتواصل إلى اليوم[12]
يرى بعض شراح القانون[13] أنه على المحاكم التونسية الاتجاه في سبيل عدم تمتيع الكفيل بتوقف سريان الفوائض  لأن إعمال هذه القاعدة لفائدة الكفيل يؤدي إلى تعكير وضعية الدائنين والترفيع في ديون المؤسسة دون أن يخدم الأهداف الموضوعة من طرف المشرع صلب قانون 1995.
إلا أنه من الجدير بالذكر أنه على فرض اتجاه فقه القضاء نحو اعتبار الكفيل، الملزم بالتبعية، يتمتع بتوقف سريان الفوائض وغرامات التأخير فإن هذا الحل لا يمكن أن ينسحب على المدين المتضامن الذي لا يعتبر ملتزما بالتبعية ويتميز التزامه بالاستقلالية عن المدين الأصلي وطالما أن سريان الفوائض وغرامات التأخير لا يمكن أن تصنف ضمن الاستثناءات المشتركة بين المدين الأصلي والمدين المتضامن بل الأغلب أنها تمثل استثناءا خاصا بالمدين ولا يمكن للمدين المتضامن التمتع به[14].



[1]  المقامة الخامسة من الكتاب الأول من مجلة الالتزامات والعقود والتي عنوانها:" فيما يترتب عن الالتزامات " وخاصة الباب الثالث منها الذي عنوانه: "في عدم الوفاء بالالتزامات وما يترتب عن ذلك " وخاصة الفصول 268 و 277 و 278 ....
[2]  C. Saint-Alary-Hoiun, Droit des entreprises en difficultés, Monchrestien, 2ème édition, p. 458 et s  ;  Y. Guyon, Droit desAffaires,T.2 Entreprises en difficultés, Redressement judiciaire faillite 9ème éd. n°1242.
[3]  Art. L 621- 48 du C C f, al 1 : «  le jugement d’ouverture du redressement judiciaire arrête les cours des intérêts légaux ou conventionnels ainsi que tous les intérêts de retard et majoration, à moins qu’il ne s’agisse des intérêts résultant de contrat de prêt conclu pour une durée égale ou supérieure à un an ou plus ou de contrats assortis d’un paiement différé d’un an ou plus. »
[4] Y. Guyon, op.cit, n°1242.
[5]  يضبط الفصل 1100 نسبة الفوائض القانونية وينص أنه" إذا لم تضبط الأطراف نسبة الفوائض فإن الفائض القانوني الذي يتم تطبيقه هو التالي:
أولا: في المادة المدنية يساوي هذا الفائض 7 بالمائة .
ثانيا: في المادة التجارية تساوي نسبة الفائض القانوني النسبة القصوى للاعتمادات البنكية المقررة من طرف البنك المركزي مع إضافة نصف نقطة".
[6] « Sont suspendus les cours des intérêts et des dommages et intérêts moratoires »
[7]  A. Brahmi : Le droit du redressement des entreprises en difficulté, ORBIS, Fev.2002, , n°142.
[8]  C. Saint-Alary-Hoiun, op.cit. n’ 779 ; M. Jeantin, Droit commercial, Instrument de paiement et de crédit, Entreprises en difficulté, Dalloz, 4ème éd. n°905.
[9] Y. Guyon, op.cit.  , n°1242.

[10] Com. 13 Nov.1990, J.C.P, 1991, éd E, II, 114, note P. Petel  « c’est à bon droit que la cour d’appel a décidé que la caution n’était pas tenue des intérêts au-delà de la date du jugement prononçant le redressement judiciaire du débiteur principal, dés lors que l’article 55 de la loi du 25 janvier 1985 n’opère aucune distinction pour l’arrêt des cours des intérêts légaux et conventionnels et que l’obligation de la caution ne peut excéder ce qui est du par le débiteur principal »
[11] E.  Brocard, La loi n°94-475 du 10 juin 1994 relative a la prévention et au traitement des difficultés des entreprises ( brèves remarques sur la situation de la caution, Act. Lég. D. 1994, p.169.)
[12] Art. L. 621-48 du C C F, «  Le jugement d’ouverture du redressement judiciaire arrête le cours des intérêts légaux ou conventionnels, ainsi que tous les intérêts de retard et majorations, à  moins qu’il ne s’agisse des intérêts résultants de contrats de prêt conclus pour une durée égale ou supérieure a un an ou de contrats assortis d’un paiement différé d’un an ou plus. Les cautions et coobligés ne peuvent se prévaloir des dispositions du présent alinéa »
[13] Y. Knani , ,  Le banquier et l’entreprise en difficulté économique, R T D , 1996 , p.133.
[14] PH. Petel, J. C.P, 1991, ed E,II, jur. p. 114.

Aucun commentaire: