lundi 5 novembre 2012

توقف المؤسسة عن خلاص أقساط الدين أثناء التسوية القضائيّة

أورد الفصل 31 من قانون إنقاذ المؤسسات المؤرخ في 17 أفريل 1995 كما وقع تنقيحه بالقانون عــ79ــدد لسنة 2003 المؤرخ في 29 ديسمبر 2003 ما يلي : " لا يترتب عن التوقف عن خلاص قسط من أقساط الدين حلول بقية الأقساط خلال فترة التسوية القضائية وذلك بصرف النظر عن كل اتفاق مخالف".
سنّت هذه القاعدة نظاما قانونيا مخالفا لذلك الذي أتت مجلة الالتزامات والعقود بخصوص التوقف عن خلاص أقساط الدين والمنظم بالفصل 149 من المجلة [1] والذي يستخلص منه أنه في حالة التوقف عن خلاص قسط من الدين يكون الدائن محقا في المطالبة بكامل دينه في الحالات المذكورة ومن بينها حالة الإعلان بفلس المدين أو عدم إعطاء هذا الأخير ما وعد به من ضمانات... فعدم خلاص جزء من الدين الذي وعد به المدين وعدم الوفاء بالضمانات التي وعد بها يعد قرينة على عدم قدرته على خلاص باقي الدين ويؤدي إلى حلول الدين برمته. وفضلا عن هذه القاعدة فمن الممكن أن تشترط الأطراف المتعاقدة صلب العقود بشتى أنواعها وخاصة في عقود القرض المبرمة مع المؤسسات البنكية، أنه يحل أجل دفع كامل الدين في حال وقوع حدث معين كعدم خلاص قسط من الأقساط.
أوردت أحكام الفصل 31 من قانون إنقاذ المؤسسات نظاما قانونيا مختلفا للمسألة و تستدعي أحكام هذا الفصل الاهتمام من جانبين اثنين ضرورة أنها تتعلق بالشرط المتعلق بخلاص الدين أقساطا دون باقي الشروط التي قد يرتب أطراف العقد من خلالها سقوط الأجل عند وقوع حدث آخر غير الإخلال بالتزام دفع القسط في الأجل المحدد. كما أن احكام هذا الفصل لا تتعارض مع الفصل 149 من مجلة الالتزامات والعقود في جانبه المتعلق بإعلان فلس المدين ضرورة أن الفصل 31 يتعلق بمرحلة التسوية القضائية في حين يتعلق الفصل 143 في هذا الجانب بلحظة أخرى قد يمر بها المدين وهي إعلان تفليسه.

لئن كان من الواضح أن الهدف من الفصل 31 هو تخفيف عبئ المديونية على المؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية وتمكينها من أجل كاف لتسوية وضعية ديونها الأمر الذي قد لا يحصل إذا ما تم تثقيل جميع الأقساط بمجرد حلول قسط واحد وعدم دفعه فإنه للوقوف بدقة عند خصائص النظام القانوني الذي أراده المشرع صلب الفصل 31 يجدر النظر في نتائج التوقف عن خلاص قسط من الدين بالنسبة للمؤسسة في فقرة أولى وبالنسبة للكفيل في فقرة ثانية
فقرة أولى : نتائج التوقف عن خلاص القسط بالنسبة للمؤسسة موضوع تسوية قضائيّة.
يستنتج من عبارات الفصل 31 من قانون انقاذ المؤسسات أن الحق في الأجل لا يسقط بالنسبة للمؤسسة التي تخضع لإجراءات التسوية القضائية وقد وردت عبارات النص عامة ومطلقة وهو ما يدفع للقول أنها تتعلّق تتعلق بجميع أنواع الديون دون تمييز بينها مهما كان نوعه.
كما تتعلق القاعدة بالأقساط التي قد تحل خلال فترة التسوية القضائية[2]. أما إذا ما كان عدم خلاص القسط من الدين سابقا لفترة التسوية القضائية فإن القاعدة لا تنطبق ويكون هذه الحالة جميع الدين قد حل قبل فترة التسوية القضائية بموجب عدم خلاص قسط منه ويتعين في هذه الحالة اعتباره دين في ذمة المؤسسة و تقييده ضمن ديون المؤسسة طبقا للفصل 25 من القانون, أمّا حلول قسط من الدين وعدم خلاصه خلال فترة التسوية القضائية لا يخول للدائن المطالبة بكامل الدين وليس لهذا الأخير سوى المطالبة بكل قسط على حدة اعتبارا لكون الديون التي تحل بعد فترة المراقبة لا تسري عليها قاعدة إيقاف أعمال التتبع و التنفيذ,
هل يجوز تعميم أحكام الفصل 31 لتشمل الحالات التي يكون فيها سقوط الحق في الأجل ناتجا عن سبب آخر غير عدم دفع قسط من الأقساط[3] ؟
يبقى السؤال مطروحا بخصوص باقي الشروط التي قد ترتب حلول الأجل عند توفر شرط آخر غير عدم خلاص قسط من الأقساط.
إن حصر القاعدة في هذا الشرط دون غيره وعدم صياغتها بطريقة تشمل جميع الاتفاقيات والقواعد التي قد ترتب حلول الأجل لأسباب أخرى ينقص بشكل كبير من قيمة هذه القاعدة التي أرادها المشرع أن تهم النظام العام تخفيفا لعبئ المديونية أثناء فترة التسوية القضائية.
 وقد ينتج عن ذلك إخلال بالهدف من وراء وضع هذه القاعدة طالما كان الشرط الذي يرتب حلول كامل الدين في حالة الإخلال بأي التزام آخر غير عدم دفع قسط من الأقساط كذلك الذي يرتب حلول الأجل في حالة مجرد مطالبة المؤسسة بالتمتع بإجراءات التسوية الرضائية أو القضائية والذي يبقي غير معني بقاعدة الفصل 31 إذا قرأنا أحكام هذا الفصل قراءة حرفية تحدد مجاله في حالة عدم دفع قسط من أقساط الدين لاغير
لقد وردت عبارات القانون الفرنسي في هذا المضمار أكثر وضوحا وعمومية إذ ينص الفصل 56 من قانون 1985 أن : " قرار افتتاح التسوية القضائية لا يجعل الديون التي لم يحل أجلها يوم صدوره حالة بعرض النظر عن كل اتفاق مخالف
 «  Le jugement d’ouverture du redressement judiciaire ne rend pas exigibles les créances non échues à la date de son prononcé. Toute clause contraire est réputée non écrites ».                                                                          
فالتشريع الفرنسي يعتبر أن مجرد افتتاح إجراءات التسوية القضائية يجمد العمل بقاعدة حلول الأجل دون الوقوف عند نوع الشرط الذي قد يحل بسببه الأجل سواء كان متعلّقا بعدم خلاص قسط أو غير ذلك وهو ما لم يرد صلب الفصل 31 من القانون التونسي الذي اقتصر على ذكر حالة واحدة من حالات حلول أجل الدين وهي حالة عدم خلاص قسط من الأقساط بما يجعل التساؤل قائما بالنسبة لباقي الشروط التي قد يكون لها تأثير على حلول أجل الدين سواء كانت شروط اتفاقية أو ناتجة عن تطبيق قاعدة قانونية معينة.
الفقرة الثانية : نتائج التوقف عن خلاص قسط الدين بالنسبة لكفيل المؤسسة موضوع التسوية القضائية.
من المتعيّن بالنسبة للكفيل معرفة ما إذا كان يتمتع بالقاعدة التي تفرض عدم سقوط الحق في الأجل خلال فترة تسوية القضائية؟
يبقى الجواب عن هذا السؤال متأرجحا بين النظرية القائلة بالالتزام التبعي للكفيل والتي تمنع مطالبته بأكثر مما يطالب به الدائن الأصلي والنظريّة القائلة بتغليب الهدف من عقد الكفالة وهو توفير أكثر ضمانات للدائن لاستخلاص دينه.
 بالنسبة للاتجاه الأول يكون الجواب بالنفي أما الاتجاه الثاني فيقول بإمكانية مطالبة الكفيل بكامل الدين رغم عدم نفاذ حلول الأجل على المؤسسة.
اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية أن عدم سقوط الحق في الأجل هو قاعدة يتمتع بها الكفيل الذي لا يمكن مطالبته بأكثر مما يطالب به الدائن الأصلي بالنظر إلى الطبيعة التبعية لالتزامه[4]. كما اعتبرت أن القاعدة التي تهم النظام العام بصريح النص بالنسبة للدائن الأصلي يجب اعتبارها أيضا قاعدة تهم النظام العام بالنسبة للكفيل ولا يمكن الاتفاق على خلافها
"La déchéance du terme n’est pas encourue par le débiteur principal mis en redressement judiciaire et ne peut être invoquée contre la caution, nonobstant toute clause contraire "[5].
ويبدو أن مثل هذا الموقف هو الذي تتجه نحوه المحاكم التونسية قياسا على بعض القرارات في وضعيات مشابهة، من ذلك انه، بخصوص نزاع تعلق باستئناف أمر بالدفع يقضي بأداء مبلغ مالي موضوع سند لأمر ضد الدائن الأصلي و الكفيل الصيرفي، أقرت محكمة الاستئناف بتونس انه طالما أن الدين أصبح مؤجلا بمقتضى إبرام اتفاق على تسوية رضائية فان الكفيل الصيرفي المستأنف الثاني للأمر بالدفع بوصفه مدينا متضامنا مع الطاعنة الأصلية ينتفع بالاتفاق الذي بموجبه أضحى الدين مؤجل الخلاص بحكم قضائي ولا يصح تبعا لذلك مطالبة الكفيل وفقا للآجال القديمة التي وقعت فيها التسوية وانتهت المحكمة إلى نقض الأمر بالدفع بخصوص المدين الأصلي والكفيل واعتباراهما غير ملزمين بالأداء وفقا للآجال القديمة.[6]
ولهذا السبب فقد رأى البعض أنه من مصلحة الدائن حرصا على حماية دينه بواسطة عقد كفالة أن يضيف صلب ذلك العقد شرط سقوط بالنسبة للدائن أو الكفيل لسبب مستقل عن الدخول في التسوية قضائية[7]. وإذا ما طبقنا هذا المقترح على النص التونسي يمكن القول أنه على الدائن إضافة شرط سقوط لسبب آخر غير عدم دفع قسط من أقساط الدين عساه يتخلّص من أحكام هذا النص الذي صمم لحماية المؤسسة على حساب الدائنين



[1]  ينص الفصل 149 من مجلة الالتزامات والعقود على ما يلي : :  " يستحق الدين المؤجل حالا إذا أعلن بفلس المديون أو نقص بفعله شيئا من الضمانات الخاصة التي كان أعطاها في العقد أو لم يعط ما وعد به منها وهذا الحكم يجري أيضا إذا قصد الضرر وأخفى حقا آو امتيازا موضفا من قبل على الضمانات المعطاة منه , فإن اعترى الضمانات المذكررة نقص من غير إرادته فإنه لا يوجب سقوط حقه في الأجل لكن يجوز حينئذ لرب الدين إما أن يطلب ضمانات أخرى زائدة أو تنفيذ العقد حالا إن لم يتيسر ذلك".

[2]  وهذا  يفترض أنه لا ينطبق على الأقساط التي قد تحل قبل فترة المراقبة أي في الفترة الفاصلة بين تقديم طلب التسوية القضائية والإذن بفتح فترة المراقبة.
[3] A. Brahmi, Le droit du redressement des entreprises en difficulté, ORBIS, Fev.2002 , n°143.
[4] Cass. Com. 14 nov 1992, Bull. civ, IV n° 285 .
[5] Cass. Com. 14 nov. 1989, J.C.P , E 1999 II, 15832, Note M.Cabrillac.
   50844 محكمة الاستئناف بتونس في 16 مارس 1999، م ق ت، جويلية 2003، ص 187[6]
[7]  J. Vallensan, Exigibilité des dettes, J.cl com 1999, Fasc 2360 , n°11 ; B. Soinine, Traité des procédures collectives, Litec, 2ème éd.1995, n°1978.

Aucun commentaire: